أكدت منظمتا هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية أن ما يجري في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023م يمثل أبشع فصول الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث، مشيرتين إلى أن الخطط السياسية ومبادرات السلام الشكلية، بما في ذلك مبادرة ترامب الأخيرة، لا يمكن أن توقف الجرائم الممنهجة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين.
وأوضحت هيومن رايتس ووتش في بيان نشرته عبر منصة “إكس” أن خطط السلام لن تضع حداً لجرائم الاحتلال ما لم تترافق مع ضغط دولي فعلي يلزم الكيان الإسرائيلي بإنهاء انتهاكاته ودعم عمل المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب. وأكدت أن الحكومات الداعمة لإسرائيل، وفي مقدمتها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، تتحمل مسؤولية مباشرة عن استمرار جرائم الإبادة والتجويع في غزة من خلال التغطية السياسية والدعم العسكري للعدو.
وأشارت المنظمة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل ارتكاب جرائم حرب ضد أكثر من 2.4 مليون فلسطيني محاصرين داخل القطاع، موضحة أن عدد الشهداء تجاوز 67 ألفاً فيما ارتفع عدد الجرحى إلى أكثر من 168 ألفاً غالبيتهم من النساء والأطفال. ولفتت إلى أن ما يجري في غزة لم يعد حرباً بل عملية إبادة وتطهير عرقي ممنهج، حيث دمر الاحتلال نحو 90 بالمائة من البنية التحتية المدنية وألقى أكثر من 200 ألف طن من المتفجرات على منازل المدنيين والمستشفيات والمدارس ومخيمات النزوح.
وفي السياق نفسه، أعربت منظمة العفو الدولية عن قلق بالغ إزاء المعلومات التي تؤكد تعرض نشطاء أسطول الصمود العالمي للتعذيب والمعاملة المهينة بعد اعتراض سفنهم في المياه الدولية، موضحة أن أكثر من 120 ناشطاً ما زالوا محتجزين تعسفياً في إسرائيل رغم كونهم في مهمة إنسانية سلمية لكسر الحصار عن غزة.
وأكدت المنظمة أن احتجاز المتضامنين السلميين يعكس العقلية الفاشية التي تحكم الكيان الصهيوني، مشددة على أن احتجازهم غير مشروع ويجب الإفراج عنهم فوراً ومن دون قيد أو شرط. وأضافت أن أسطول الصمود العالمي أصبح رمزاً للضمير الإنساني الحر وتعبيراً عن تضامن الشعوب مع الفلسطينيين الذين يواجهون الإبادة والحصار في ظل صمت دولي مخزٍ.
كما حذّرت العفو الدولية من أن استمرار إسرائيل في اعتراض السفن الإنسانية يهدد بتكرار المشاهد ذاتها، داعية الدول إلى التحرك العاجل والضغط لرفع الحصار عن غزة ووقف جرائم الإبادة فوراً.
ورأت المنظمتان أن التقاعس الدولي عن اتخاذ إجراءات رادعة ضد الاحتلال يشجع على استمرار الجرائم بحق المدنيين، مؤكّدتين أن العدالة لا تتحقق بالتصريحات وإنما بالإجراءات القانونية والضغط السياسي والاقتصادي الفاعل، مشيرتين إلى أن الإفلات من العقاب هو ما يغذي آلة القتل الإسرائيلية، وأن أي مبادرة سلام لا تضع المحاسبة في صلبها ستكون مجرد غطاء سياسي لتمديد الإبادة تحت مسمى التسوية.
وختمت المنظمتان بالتشديد على أن النشطاء والمتطوعين الدوليين الذين خاطروا بحياتهم من أجل كسر الحصار يجسدون الوجه الحقيقي للضمير الإنساني العالمي، في حين أن صمت الحكومات التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان بينما تبيع السلاح للمحتل يمثل سقوطاً أخلاقياً مدوياً. وأكد البيان أن التحرك الدولي العاجل لإنهاء الحصار ومحاسبة قادة الاحتلال هو السبيل الوحيد لإنقاذ ما تبقى من إنسانية هذا العالم.