في تحولٍ تاريخي يُعيد رسم معادلات الصراع في المنطقة، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” التوصل إلى اتفاقٍ شامل يقضي بإنهاء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكلٍ كامل من أراضيه، وذلك بعد مفاوضات ماراثونية استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية برعاية إقليمية ودولية، ووسط إجماعٍ دولي على فشل الحرب الصهيونية واعترافٍ صريح بانتصار المقاومة.
حماس تعلن التوصل إلى اتفاق: النصر ثمرة الصمود والتضحيات
وقالت حركة حماس في بيان رسمي: بعد مفاوضات مسؤولة وجادة خاضتها فصائل المقاومة الفلسطينية حول مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في شرم الشيخ، تم التوصل إلى اتفاقٍ يقضي بإنهاء الحرب على غزة، وانسحاب الاحتلال منها، ودخول المساعدات الإنسانية، وتبادل الأسرى بين الجانبين.
وأعربت الحركة عن تقديرها للجهود القطرية والمصرية والتركية التي أسهمت في التوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي، كما ثمّنت الموقف الأمريكي الجديد الذي جاء، وفق وصفها، استجابة لضغوط الواقع الميداني وصمود الشعب الفلسطيني.
وأضافت الحركة:ندعو الرئيس ترامب والدول الضامنة إلى إلزام حكومة الاحتلال بتنفيذ استحقاقات الاتفاق كاملة، وعدم السماح لها بالمماطلة أو التنصل من التزاماتها.
وأكدت حماس أن تضحيات الشعب الفلسطيني وصموده الأسطوري في وجه آلة الحرب الصهيونية كانت العامل الحاسم في فرض هذا الاتفاق، مجددةً العهد بالمضي في طريق المقاومة حتى تحقيق التحرير الكامل وتقرير المصير.
وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ
وبدأ سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة ظهر الخميس، وفق ما نقلته وسائل إعلام مصرية وعبريّة، بعد عامين من حرب إبادة إسرائيلية راح ضحيتها أكثر من ستين ألف شهيد فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال.
وأكدت القناة الإسرائيلية الثانية عشرة أن وقف النار دخل حيّز التنفيذ عند الساعة 12 ظهراً بالتوقيت المحلي، تمهيدًا لاجتماع الحكومة الإسرائيلية مساءً للمصادقة على الصفقة التي تتضمن الانسحاب من القطاع وتبادل الأسرى ودخول قوافل الإغاثة الإنسانية.
وبحسب مصادر عبرية، فإن الجيش الإسرائيلي بدأ فعلاً إعادة انتشارٍ جزئي في محيط غزة بانتظار استكمال التفاهمات النهائية، فيما قلّلت الأجهزة الأمنية من معارضة وزيري الأمن القومي بن غفير والمالية سموتريتش، مشيرة إلى أن “القرار السياسي قد حُسم بفعل الضغوط الدولية والأمريكية”.
الجهاد الإسلامي: الاتفاق انتصارٌ صنعه الدم لا الدبلوماسية
من جانبها، أكدت حركة الجهاد الإسلامي أن الاتفاق الذي أنهى الحرب على غزة لم يكن منحة من أحد، بل ثمرة مباشرة لتضحيات الشعب والمقاتلين في الميدان.
وقالت الحركة في بيان رسمي:نثمّن الجهود العربية والدولية المبذولة، لكن الحقيقة أن الشجاعة والبسالة التي أظهرها مجاهدو المقاومة هي التي فرضت هذا الاتفاق، وأجبرت العدو على التراجع والاعتراف بهزيمته.
وأضافت أن المقاومة هي من صنعت هذا الإنجاز التاريخي، مؤكدة أن “دماء الشهداء ودموع الأمهات لن تذهب سدى، بل ستظل وقوداً لمسيرة التحرير حتى زوال الاحتلال”.
ترامب يعلن الاتفاق ويصفه بـ«سلام تاريخي»
وفي أول تعليق رسمي من واشنطن، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن كلّاً من “إسرائيل” وحركة حماس وافقتا على المرحلة الأولى من خطته للسلام، بعد محادثاتٍ مطوّلة في شرم الشيخ.
وقال ترامب في منشورٍ على منصته “تروث سوشال”:أنا فخور جداً بالإعلان أن “إسرائيل” وحماس قد وقّعتا على المرحلة الأولى من خطتنا للسلام، والتي تنص على إطلاق سراح جميع الأسرى قريباً، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خطوطٍ متفق عليها تمهيداً لسلامٍ دائمٍ وأبديّ.
ويرى مراقبون أن تصريحات ترامب تعبّر عن تحوّلٍ في الموقف الأمريكي بعد فشل الرهان على القوة العسكرية الإسرائيلية، مشيرين إلى أن الاتفاق الحالي يمثل أول اعترافٍ أمريكي عملي بفشل المشروع الصهيوني في كسر إرادة غزة، وبأن المقاومة الفلسطينية أصبحت رقماً ثابتاً في المعادلة الإقليمية.
انتصار استراتيجي لمحور المقاومة
وبينما يحتفي الفلسطينيون بهذا الإنجاز التاريخي، يؤكد قادة محور المقاومة أن معركة غزة أعادت التوازن الاستراتيجي في المنطقة. فبعد عامين من العدوان، أثبتت المقاومة قدرتها على فرض معادلات الردع وتغيير قواعد الاشتباك، في وقتٍ انكشفت فيه هشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية وتراجع هيبة جيش الاحتلال.
وتشير تحليلات عربية ودولية إلى أن اتفاق غزة ليس نهاية المعركة بل بداية مرحلة جديدة من الردع الإقليمي، حيث فرضت فصائل المقاومة معادلة النصر السياسي بعد النصر العسكري، وأعادت القضية الفلسطينية إلى مركز الوجدان العربي والإسلامي، بعد محاولات طويلة لتصفيتها.
وبهذا الاتفاق التاريخي، تطوي غزة صفحة من أكثر فصول الإبادة دمويةً في التاريخ الحديث، وتفتح صفحة جديدة عنوانها الكرامة والانتصار. لقد سقطت أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”، وارتفعت راية المقاومة في الميدان والسياسة معًا. فما لم تستطع القوة أن تحققه في عامين من القصف، فرضه صمود الشعب الفلسطيني خلال 730 يوماً من الجوع والنار والدم، ليكتب التاريخ أن غزة قاومت.. فانتزعت النصر.