بدأت فرنسا، يوم الخميس، تحريك أبرز زعماء تنظيم “داعش” في اليمن إلى الواجهة مجددًا، في خطوة وُصفت بأنها جزء من تفاهم أوروبي–خليجي جديد بشأن الملف اليمني، وسط مؤشرات على توجه نحو إعادة رسم خريطة النفوذ في المحافظات الشرقية للبلاد.
وأفردت وسائل إعلام فرنسية، بينها صحيفة “لا كروا” الكاثوليكية، مساحة واسعة لتسويق رياض النهدي، أحد القيادات البارزة في تنظيم “داعش” باليمن، الذي أُعيد تقديمه في ثوبٍ سياسي جديد تحت اسم “حركة التغيير والتحرير”، وهي كيان ناشئ تم الإعلان عنه في حضرموت.
ورأت الصحيفة الفرنسية أن النهدي يمثل “صانع سلام في اليمن”، في تبرير وُصف بأنه محاولة لتبييض جرائم موثقة ارتكبها خلال سيطرة الجماعات المتطرفة على أجزاء من حضرموت في السنوات الأولى للحرب.
وبرز اسم رياض النهدي مع بدء العدوان على اليمن في العام 2015، حيث قاد مجموعة مسلحة أعلنت ولاءها لتنظيم “داعش”، ونفّذت عمليات إعدام بحق 14 جنديًا يمنيًا في ساحل حضرموت بعد اختطافهم، في ما اعتُبر حينها رسالة ولاء لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.
وبحسب مصادر محلية، واصل النهدي نشاطه في حضرموت بعد اتفاق غير معلن مع التحالف قضى بانسحاب عناصر القاعدة من المكلا مقابل استمرار نفوذ جماعات موالية لـ“داعش” ضمن ترتيبات أمنية موازية.
وجاء تحريك هذا الملف بعد بيان صادر عن اجتماع خليجي–أوروبي، أكّد على التصعيد في اليمن بذريعة “استعادة الاستقرار وحماية الممرات الملاحية”، ما أثار مخاوف من عودة النشاط الإرهابي في المناطق الغنية بالنفط شرق البلاد.
ويشير مراقبون إلى أن تحريك النهدي من قِبل باريس يعكس توجهًا فرنسيًا لإعادة تكرار “السيناريو السوري”، عندما دعمت باريس تنظيم “داعش” للسيطرة على حقول النفط شرق سوريا لتحقيق أهداف اقتصادية وجيوسياسية تخدم مصالحها في المنطقة.
وتثير هذه التحركات تساؤلات خطيرة حول دور القوى الغربية في إعادة تدوير الجماعات الإرهابية واستخدامها كأداة ضغط ميدانية في الملفات الإقليمية الحساسة، وعلى رأسها الملف اليمني والممرات الاستراتيجية في البحر العربي وخليج عدن.
ويرى مراقبون أن إعادة إحياء رموز “داعش” في حضرموت بغطاء سياسي وإعلامي فرنسي–غربي تمهّد لمرحلة جديدة من الفوضى الموجّهة تحت لافتة “الاستقرار”.