نشرت مجلة فورين بوليسي الأميركية تقريرًا تناولت فيه أبرز التحديات التي تواجه المرحلة المقبلة من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في غزة، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق مبدئي بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لإنهاء الحرب الدائرة منذ عامين والتي أودت بحياة أكثر من سبعةٍ وستين ألف فلسطيني.
وأوضحت المجلة أن التحديات السياسية والأمنية الراهنة قد تعرقل المفاوضات المقبلة وتمنع التوصل إلى تسوية دائمة، رغم المساعي الأمريكية المكثفة لإنهاء الحرب وتثبيت الاستقرار في القطاع.
نزع سلاح حماس.. العقدة الأكبر في طريق الاتفاق
وقال التقرير الذي أعده الصحفي جون هالتيوانغر إن مسألة نزع سلاح حركة حماس تعد العقبة الأبرز أمام تقدم خطة السلام، إذ لم تُبدِ الحركة موافقتها على هذا الشرط حتى الآن، بينما يعتبره الإحتلال الإسرائيلي بندًا أساسيًا لا يمكن التنازل عنه.
وبيّن التقرير أن الخطة الأمريكية تمنح “عفوًا مشروطًا” لبعض مقاتلي حماس في حال قبولهم التخلي عن سلاحهم، إلا أن الحركة تُظهر ترددًا واضحًا بسبب استمرار المواجهات مع إسرائيل وغياب الثقة بين الطرفين.
وأضافت فورين بوليسي أن بعض التقارير أشارت إلى احتمال قبول حماس بتسليم جزئي للأسلحة، لكن هذا الخيار لن يكون مقبولًا لدى حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تصر على تفكيك الحركة بالكامل.
انسحاب جيش الاحتلال من غزة.. الخلاف المحتدم
وذكرت المجلة أن خطة ترامب تتضمن انسحابًا تدريجيًا لقوات الإحتلال من قطاع غزة، إلا أن تفاصيل الحدود ومواعيد الانسحاب لا تزال غامضة، ما يجعل الملف من أكثر القضايا تعقيدًا في المفاوضات المقبلة.
وأوضحت أن حماس تطالب بانسحاب كامل لجيش الإحتلال لضمان عدم استئناف القتال، في حين يصر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على رفض الانسحاب الكامل، معتبرًا أن بقاء قوات إسرائيلية في بعض المناطق أمر ضروري للأمن.
إدارة غزة.. صراع على من يحكم القطاع
وبحسب فورين بوليسي، تنص خطة ترامب على تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية لإدارة قطاع غزة تحت إشراف دولي مباشر، إلى جانب مجلس سلام برئاسة الرئيس الأمربكي لمتابعة تنفيذ الاتفاق.
وأشارت المجلة إلى أن حماس أبدت موافقة مبدئية على التخلي عن إدارة القطاع، لكنها رفضت التنازل عن دورها السياسي، وهو ما برفضه الإحتلال الاسرائيلي والولايات المتحدة اللتان تصران على إقصاء الحركة تمامًا من أي سلطة مستقبلية.
وأكد التقرير أن مستقبل الحكم في غزة لا يزال قضية شائكة، خاصة في ظل رفض نتنياهو لأي دور للسلطة الفلسطينية أو لفكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة، رغم الضغوط الغربية المتزايدة التي تدفع بهذا الاتجاه.
اعتراض داخل حكومة الإحتلال
وأوضحت فورين بوليسي أن نتنياهو يواجه معارضة شرسة من داخل حكومته اليمينية، حيث هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بالانسحاب من الائتلاف إذا تم تنفيذ بنود الاتفاق.
وأضاف التقرير أن هذا الانسحاب المحتمل قد يؤدي إلى سقوط حكومة الاحتلال الإسرائيلي وإجراء انتخابات مبكرة، في وقت تسعى فيه المعارضة إلى منح نتنياهو دعمًا مؤقتًا لتمرير الاتفاق ثم إسقاطه سياسيًا لاحقًا.
وأشار التقرير إلى أن نتنياهو يتعرض لضغوط مباشرة من الرئيس ترامب الذي يسعى إلى تقديم الاتفاق كإنجاز سياسي يختتم حرب غزة ويعزز صورته أمام الداخل الأميركي.
وخلصت المجلة إلى أن ملفات نزع السلاح والانسحاب والإدارة والاعتراض السياسي تشكل معًا عقبات معقدة قد تجعل تنفيذ اتفاق غزة أصعب من الحرب نفسها، مؤكدة أن الطريق نحو سلام مستقر ما زال طويلاً ومليئًا بالتحديات.