نعم، يُقال إن هناك اتفاقًا لوقف إطلاق النار في غزة، ولكن هذا الاتفاق لن يحل المشكلة من جذورها؛ فهو ليس إلا لتهدئة الأوضاع فحسب. وإلا فمعركتنا مع العدو الصهيوني ستبقى قائمة ومستمرة، لأنه العدو التاريخي للإسلام والمسلمين وللإنسانية جمعاء. مشروعه الإجرامي لا يستهدف أهل غزة وحدهم، بل يستهدف دولًا كثيرة وعلى رأسها مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق، وقد يأتي الدور على دول الخليج في هذا التوقيت، لأن العدو الصهيوني يسعى، كما يزعم، إلى تغيير خريطة الشرق الأوسط. وما معنى هذا التغيير؟ معناه الاحتلال والسيطرة على البلدان المذكورة آنفًا، وما يفعله في سوريا خير شاهد ودليل لإيقاظ الأمة من غفلتها وسباتها العميق؛ لأنها ستندم أشد الندم بعد ذلك، ولن ينفعها العويل والبكاء بعد أن يسيطر الصهاينة عليها وعلى مقدراتها واقتصادها وينتهكون حرمتها كما يفعلون في فلسطين منذ 75 عامًا.
وأبرز إجرام كشفت عنه الصهيونية للعالم هو جرائم الإبادة الجماعية والتجويع والحصار الذي فرضته على غزة طوال السنوات الماضية. وما تم التوصل إليه من اتفاق لوقف إطلاق النار ليس إلا جولة من جولات الصراع المستمر مع العدو الصهيوني؛ وما جعلَه يقبل بهذه الجولة إلا لاستعادة أسراه وترتيب أوراقه وقوته ليعود من جديد إلى إجرامه وإبادته. لن يتوقف عند هذا الحد بإبرام اتفاق أو معاهدة؛ لأنه لا عهد له ولا وفاء.
ما يجب علينا نحن هو إعداد العُدة والاستعداد والجاهزية، والعمل المستمر والدؤوب لمواجهته والتصدي لكل مؤامراته الخبيثة بوعيٍ وحكمةٍ وتخطيط مسبق وإعداد متقن. ووعيٌ بخطورته، ومعرفة نقاط ضعفه، ليسهل القضاء عليه وكسر شوكته بإذن الله.
نعلم أن هذا الطريق طويل ومحفوف بالمخاطر، ولكن هذا هو طريق الحق الذي رسمه لنا الله، ولن نتركه؛ بل سنستمر في المضي فيه بثقة واعية بالله والتوكل عليه، وبعزم ثابت وإيمان راسخ وإرادة صلبة لا تتزعزع أو تلين مهما طال أمد هذا الكيان ومهما طالت أذرعه وحشد منافقيه. فنهـايته هي الزوال — وهذا وعد الله الحق الذي لا شك فيه أبدًا. سنواصل جهادنا وصمودنا وإعدادنا للنيل منه، لتكون نهايته على أيدينا بإذن الله.