كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأ بتوظيف مليشيات فلسطينية داخل قطاع غزة لتنفيذ مهام عسكرية ميدانية، مقابل رواتب مالية ومكاسب تتعلق بالسيطرة على أراضٍ ومسارات المساعدات الإنسانية.
وبحسب الصحيفة، فإن جيش الاحتلال وسّع خلال الأسابيع الأخيرة عمليات تجنيد هذه المليشيات لتعمل بتنسيق مباشر مع جنوده على الأرض، مؤكدة أن إحدى أبرز هذه المجموعات تنحدر من عائلة “أبو شباب” وتدار من قبل الجيش وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، وهي مخولة بحمل السلاح وممارسة أنشطة عسكرية محددة داخل مناطق سيطرة الاحتلال في القطاع.
وأضاف التقرير أن المليشيات الجديدة تحصل على تمويل مالي مقابل السيطرة على طرق نقل المساعدات والتحكم في تصاريح الأراضي التي تُستخدم لنصب الخيام، مشيرًا إلى أن جهاز “الشاباك” يشرف بشكل مباشر على تشغيل هذه العصابات واستقطاب عناصر إضافية لتوسيع نفوذها في المناطق الخاضعة للاحتلال، لا سيما في خان يونس ورفح جنوب القطاع.
ونقلت “هآرتس” عن ضباط صهاينة قولهم إن هذه المجموعات شاركت في تنفيذ مهام عسكرية حساسة ميدانيًا، غير أن القلق يتزايد داخل الجيش من إمكانية أن تنقلب عليه تلك المليشيات في المستقبل، بسبب غياب السيطرة الكاملة عليها وتعدد ولاءاتها، الأمر الذي قد يشكل تهديدًا أمنيًا على القوات الإسرائيلية نفسها.
ويأتي هذا التقرير بعد أيام قليلة من إعلان مصدر أمني في المقاومة الفلسطينية أن عصابات من العملاء والمستعربين نفّذت عمليات اختطاف لمجاهدين في غزة خلال الأيام الماضية، مؤكدًا أن هذه العصابات تعمل بتنسيق مباشر مع الاحتلال لجمع معلومات استخباراتية حول مواقع الأسرى والأنفاق التابعة للمقاومة.
وأضاف المصدر أن المقاومة تمتلك قائمة كاملة بأسماء المتورطين وأنها ستلاحقهم ولن ترحمهم، مشيرًا إلى أن مرحلة الحساب والقصاص قادمة لا محالة بحق كل من خان أو تورط في التعاون مع العدو.
وفي السياق ذاته، كشفت تقارير سابقة عن وجود ما يسمى “عصابة ياسر أبو شباب” التي تنشط في مدينة رفح المحتلة جنوب القطاع، وتُعد من أبرز المجموعات التي تديرها أجهزة الاحتلال الأمنية، إلى جانب مجموعات أخرى في شمال غزة.
وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت قد نشرت قبل أشهر أن جهاز الشاباك سلّح سرا مليشيات فلسطينية داخل غزة بموافقة مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين.
وفي تصريحات سابقة، أكد مسؤول أمني في حركة حماس أن الاحتلال يستغل نقاط توزيع المساعدات في القطاع لتجنيد متخابرين جدد وابتزاز الشباب من خلال المخدرات والتورط الأخلاقي والأمني، مضيفًا أن هذه السياسة الإسرائيلية تهدف إلى تفكيك البنية الاجتماعية في غزة وضرب تماسكها الداخلي.
ويرى مراقبون أن سياسة الاحتلال في إنشاء مليشيات محلية تمثل سابقة خطيرة في تاريخ الصراع، كونها تسعى إلى تحويل قطاع غزة إلى بيئة أمنية منقسمة تعمل فيها أطراف فلسطينية تحت إمرة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما يفتح الباب أمام فوضى أمنية داخلية قد تنقلب على الاحتلال نفسه في نهاية المطاف.