أكدت مصادر أمنية في غزة، مساء الأحد، أن الأجهزة الأمنية تمكنت من بسط سيطرتها الكاملة على المليشيا المسلحة التي كانت تنشط في مدينة غزة، وشرعت في تنفيذ عملية تمشيط دقيقة وشاملة لاستكمال تأمين المناطق التي شهدت اشتباكات خلال الساعات الماضية، في خطوة تؤكد قدرة الأجهزة الأمنية على فرض النظام العام وإحباط المخططات الرامية لإغراق القطاع في الفوضى.
وأفادت المصادر أن العشرات من عناصر المليشيا المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي قد تم اعتقالهم ونقلهم إلى مواقع آمنة للتحقيق، فيما قُتل عدد من المتورطين في جرائم القتل والتعاون مع العدو خلال المواجهات المباشرة، مؤكدة أن العملية الأمنية لا تزال مستمرة حتى اجتثاث جميع البؤر العميلة التي عملت تحت رعاية الاحتلال وأجهزته الأمنية.
وأكدت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة أن قواتها استعادت السيطرة الكاملة على جميع مناطق التوتر داخل المدينة، وأنها تحاصر ما تبقى من فلول المليشيات التي تورطت في جرائم بحق المدنيين والنازحين، مشددة على أن المرحلة الحالية هي مرحلة تثبيت الأمن وإغلاق ملف الفوضى التي سعى الاحتلال لإشعالها من الداخل.
ويأتي هذا التطور الأمني بعد تقارير نشرتها صحيفة “هآرتس” العبرية كشفت فيها أن جيش الاحتلال الإسرائيلي جنّد خلال الأشهر الماضية مليشيات فلسطينية محلية في قطاع غزة لتنفيذ مهام ميدانية لصالحه مقابل رواتب مالية ومكاسب تتعلق بالسيطرة على أراضٍ ومسارات مساعدات، وأبرزها مليشيا “ياسر أبو شباب” التي تعمل تحت إشراف جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك).
وبحسب تقرير الصحيفة العبرية، تولى “الشاباك” إدارة وتجنيد عناصر هذه المجموعات وتزويدها بالسلاح بهدف تنفيذ مهام قذرة في مناطق سيطرة الاحتلال، من بينها مراقبة تحركات المقاومة، وجمع المعلومات حول الأنفاق والمواقع الحساسة، والمشاركة في عمليات ميدانية جنوب القطاع، وهو ما وصفته مصادر المقاومة بأنه “استنساخ لنموذج الخيانة تحت عباءة الاحتلال”.
وأكدت وزارة الداخلية في غزة أن هذه المليشيات العميلة كانت ضمن مخطط إسرائيلي لتشكيل واقع أمني موازٍ داخل القطاع عبر مجموعات مرتزقة مرتبطة مباشرة بالعدو، موضحة أن العملية الأمنية الأخيرة أحبطت هذه المحاولة بشكل كامل، وأن عناصر المليشيا سيُحاسبون وفق أحكام القانون الثوري وبما يتناسب مع حجم خيانتهم للوطن والمقاومة.
وفي الوقت ذاته، أعلنت الوزارة فتح باب التوبة أمام المنخرطين في تلك العصابات ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء، في خطوة تهدف إلى تسوية أوضاعهم القانونية والأمنية وتعزيز الوحدة الداخلية، مؤكدة أن من يرفض تسليم نفسه أو يصر على التمرد سيواجه إجراءات حازمة لا هوادة فيها.
ويرى مراقبون أن الاحتلال لجأ إلى خيار المليشيات بعد فشله العسكري والاستخباراتي في القضاء على المقاومة رغم عامين من العدوان المتواصل، وأن هذه المحاولات اليائسة لعسكرة العملاء لم تفلح سوى في كشف عمق مأزق الجيش الإسرائيلي داخل القطاع، في حين تواصل المقاومة وحكومة غزة إعادة بناء منظومتها الأمنية وترسيخ سيادتها على الأرض رغم الحصار والدمار.
وتؤكد التطورات الأخيرة أن غزة تطوي صفحة الفوضى الأمنية التي حاول الاحتلال فرضها، وأنها تتجه بثبات نحو مرحلة جديدة من الأمن والانضباط والمساءلة، في ظل يقظة أجهزتها الأمنية ووعي شعبها الذي أفشل مخطط الاختراق الإسرائيلي.