في ظلّ تعثّر تنفيذ بنود المرحلة الأولى من اتفاق وقف الحرب في غزة، وصلت إلى القطاع، اليوم الأربعاء، بعثات أوروبية وتركية جديدة ضمن تحركات تهدف إلى تثبيت الهدنة الهشة ومتابعة الملفات الإنسانية العالقة، وعلى رأسها فتح المعابر وتبادل الجثامين.
وذكرت وسائل إعلام تركية أن “فريقًا جنائيًا تركيًا متخصصًا بالبحث عن جثث الصهاينة القتلى” غادر أنقرة متجهًا إلى غزة، في مهمة رسمية بالتنسيق مع الأمم المتحدة. وتزامنت الخطوة مع ترقب وصول بعثة أوروبية عسكرية مهمتها إدارة معبر رفح والإشراف على مرور المساعدات الإنسانية في إطار رقابة دولية مشتركة تم التفاهم عليها خلال اجتماعات القاهرة الأخيرة.
لكن هذه التطورات جاءت فيما لا يزال تثبيت وقف إطلاق النار في مهب الريح. فقد تجدد القصف الإسرائيلي خلال الساعات الماضية على مناطق متفرقة في القطاع، خصوصًا في مدينة خانيونس، ما أدى إلى سقوط مزيد من الضحايا المدنيين.
وأفادت وزارة الصحة في غزة بسقوط 25 شهيدًا خلال الـ24 ساعة الماضية، بينهم 16 جثة تم انتشالها من تحت الأنقاض، إضافة إلى 35 مصابًا نقلوا إلى مستشفيات القطاع، في حين أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن “إسرائيل تواصل عملياتها العسكرية ضد المدنيين رغم الالتزامات المعلنة بوقف النار”.
على الصعيد الإنساني، تعثّر دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل واضح. إذ لم يدخل سوى نحو 200 شاحنة من أصل 600 شاحنة كان من المفترض أن تصل اليوم وفق اتفاق المرحلة الأولى، ما يعني أن القطاع لم يتلق سوى ثلث الكميات المقررة.
وأكدت مصادر إعلامية فلسطينية أن “الإجراءات المشددة التي يتعمدها الاحتلال لتأخير الشاحنات، واستمرار إغلاق معبر رفح أمام حركة البضائع والوقود” تمثل العقبة الأبرز أمام تنفيذ الاتفاق، رغم التفاهمات التي تقضي ببدء تشغيل المعبر تحت رقابة أوروبية – تركية مشتركة.
وتأتي هذه التطورات في وقت دخل فيه اتفاق وقف إطلاق النار يومه السادس، دون تحقيق أي تقدم في الملفات الأساسية، خصوصًا تبادل الجثامين بين الجانبين.
وأكد الصليب الأحمر الدولي أنه بدأ نقل جثامين شهداء فلسطينيين تسلمهم من الاحتلال خلال الساعات الأخيرة، في حين لا يزال الخلاف قائمًا حول جثامين القتلى الإسرائيليين لدى المقاومة، حيث لم تُسلَّم سوى 8 جثامين من أصل 28، وهو ما تعتبره تل أبيب “تلكؤًا متعمّدًا” بينما تؤكد المقاومة أن “ظروف الحرب المدمّرة وصعوبة تحديد أماكن الدفن” تعيق استكمال العملية.
ويرى مراقبون أن تعثر تنفيذ اتفاق الجثامين وتأخير فتح المعابر يهددان بانهيار الهدنة، في وقتٍ تحاول فيه الأطراف الدولية، وخصوصًا تركيا والاتحاد الأوروبي، إحياء المسار الإنساني والسياسي عبر بعثات ميدانية مختصة.
ويُتوقع أن تسهم الفرق التركية والأوروبية في تسريع تنفيذ البنود العالقة من الاتفاق، خصوصًا المتعلقة بوقف شامل للنار ودخول المساعدات الإنسانية بشكل منتظم، في حين تتهم الأطراف الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلي بمحاولة استغلال الثغرات لتمديد الحصار واستمرار العدوان بأشكال جديدة.