المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    مقتل مواطن يمني بنيران العدو السعودي في صعدة

    قُتل مواطن يمني، اليوم، جراء اعتداء جديد نفذته القوات...

    عدن تواجه انقطاعًا شاملًا للكهرباء

    قالت مصادر في مؤسسة الكهرباء بعدن إن محطة الرئيس...

    ميك والاس: خطة السلام مجرد أداة “للإمبريالية” الغربية واحتلال فلسطين

    انتقد السياسي الإيرلندي وعضو البرلمان الأوروبي السابق، ميك والاس،...

    العمل الإنساني.. بين الشعار والغِطاء الاستخباراتي

    لم يعد العملُ الإنساني في زمن الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية...

    وزارة الخارجية القطرية تعلن اتفاقًا على وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان

    أعلنت وزارة الخارجية القطرية، اليوم، عن اتفاق بين الجانبين...

    العمل الإنساني.. بين الشعار والغِطاء الاستخباراتي

    لم يعد العملُ الإنساني في زمن الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية بريئًا كما يُروَّج له؛ فقد تحوّل في كثير من الأحيان إلى أدَاة سياسية واستخباراتية تُدار من خلف الكواليس، وتُستخدم لتبرير الاختراق والتجسس داخل الدول المستهدفة.

    كثير من المنظمات التي ترفع شعارات الإغاثة والمساعدة، باتت تمارس أدوارًا تتجاوز مهامها الإنسانية، لتخدم أجندات استخباراتية تمس الأمن والسيادة الوطنية.

    لقد أكّـد السيد القائد أن العدوّ الأمريكي والإسرائيلي وجد في هذه المنظمات غطاءً مثاليًّا لحماية عملائه وجواسيسه من الملاحقة، ولتسهيل تحَرّكاتهم داخل البلاد تحت مسمى العمل الإنساني والإغاثي.

    هذه المنظمات مكّنت خلاياها من استخدام إمْكَانات وأجهزة متطورة للتجسس والرصد، في تجاوز صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية التي تنظّم العمل الإنساني.

    وكشف السيد القائد أن هذا الاستخدام لم يكن مُجَـرّد اختراق عرضي أَو تصرف فردي، بل يمثل أدَاة استراتيجية رئيسية في المشروع الصهيوأمريكي في اليمن، حَيثُ تم استغلال غطاء الشرعية الأممية لإدخَال عناصر تجسسية تتحَرّك بحرية تحت أسماء وصفات تابعة للمنظمات الأممية، بما يوفّر لها الحماية الدبلوماسية ويمنع مراقبتها أمنيًّا، إلى جانب تمكينها من الوصول إلى معلومات حساسة تحت ذريعة النشاط الإنساني.

    لقد سمح هذا الغطاء الاستخباراتي لتلك الخلايا بجمع بيانات ميدانية دقيقة، والدخول إلى مناطق محظورة، والتفاعل مع قيادات محلية وجهات رسمية، ما وفر للعدو معلومات ثمينة ساعدته في تنفيذ عملياته العدوانية.

    كما تم توفير تغطية لوجستية وتقنية لهذه الخلايا، استخدمت فيها معدات اتصالات ومركبات تابعة للمنظمات، بل وزُوّدت بأجهزة تجسس عالية الدقة تُستخدم عادة من قبل أجهزة الاستخبارات العالمية.

    ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل شمل التدريب المنظم بإشراف مباشر من أجهزة استخباراتية معادية، وهو ما يؤكّـد أن الأمر تخطيط ممنهج وليس تصرفًا عشوائيًّا.

    وقد وفّرت تلك المنظمات أَيْـضًا تسهيلات في التنقل والاتصال، ومنحت تصاريح خَاصَّة تتيح للعملاء دخول المواقع الحساسة دون مساءلة أَو رقابة، مما جعلها فعليًّا جزءًا من المنظومة الاستخباراتية الأمريكية والإسرائيلية.

    وهنا يبرز سؤال جوهري: لماذا أصبحت الأمم المتحدة بيد الأمريكي والإسرائيلي؟

    ولماذا تنصّلت من رسالتها الإنسانية التي أُنشئت؛ مِن أجلِها، ومن مواثيقها وقوانينها ولوائحها التي تلزمها بالحياد والعدالة؟

    إن الأمم المتحدة اليوم لم تعد تمثل الضمير الإنساني كما يُفترض، بل تحولت إلى أدَاة طيّعة بيد القوى الكبرى، تُسيّرها التوجيهات الأمريكية والإسرائيلية لا المبادئ الإنسانية.

    فلو كانت هذه المؤسّسة الدولية تلتزم فعلًا بمواثيقها، لما سمحت بتحويل موظفيها إلى جواسيس يعملون لصالح أجهزة استخباراتية معادية، ولما سكتت عن الجرائم المروعة التي ارتكبتها تلك القوى عبر العقود الماضية.

    فقد قتلت أمريكا في العراق أكثر من مليون عراقي، ودمّـرت بنيته التحتية باسم “نشر الديمقراطية”، وقتلت (إسرائيل) أكثر من ستين ألف فلسطيني بذرائع واهية تحت حماية الأمم المتحدة وصمت مجلس الأمن، كما قتلت السعوديّة والإمارات الشعب اليمني خلال تسع سنوات متواصلة، ولا تزالا تحاصران هذا الشعب في لقمة عيشه ودوائه، في ظل تواطؤ دولي مخزٍ وصمت أممي معيب.

    هذا الواقع يؤكّـد أن الحديث عن “العمل الإنساني” و“حقوق الإنسان” مُجَـرّد شعارات تُستخدم لتجميل وجه العدوان، بينما الحقيقة أن هذه الشعارات تحوّلت إلى أدوات سياسية واستخباراتية لتبرير الاحتلال، والسيطرة على مقدرات الشعوب الحرة.

    إن واجب الشعوب اليوم أن تدرك أن المنظمات الأممية ليست بمنأى عن التوجيه الأمريكي والإسرائيلي، وأن الحذر من أنشطتها لم يعد خيارًا بل ضرورة لحماية الأمن الوطني.

    كما أن كشف هذه الحقائق وتعريتها أمام الرأي العام العالمي يمثل جزءًا من معركة الوعي التي تخوضها الأُمَّــة ضد قوى الاستكبار والهيمنة.

    فالعمل الإنساني الحقيقي لا يُدار من غرف المخابرات، ولا يتلوّن بلون السياسة، بل ينبع من قيم صادقة وأخلاق ثابتة لا تعرف الانحياز ولا الخداع.

    وهنا تتجلّى أهميّة الوعي الذي دعا إليه السيد القائد، بضرورة التمييز بين العمل الإنساني الصادق والعمل الاستخباراتي المتخفّي خلفه؛ فالأول حياة ورحمة، والثاني خيانة وعدوان.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    شاهر أحمد عمير

    spot_imgspot_img