في مقال صادم نشرته صحيفة هآرتس العبرية، اتّهم الكاتب الإسرائيلي اليساري جدعون ليفي حكومة الاحتلال الإسرائيلي بـ التفاخر بسلوكها السادي وتعذيبها الممنهج للأسرى الفلسطينيين، معتبرًا أن المجتمع الإسرائيلي يعيش حالة من “الانتقام الجماعي” ويجد في القسوة مصدرًا للفخر الوطني.
وقال ليفي إن عودة الأسرى الفلسطينيين بعد صفقات التبادل الأخيرة كشفت ما كان معروفًا مسبقًا، وهو أن سوء معاملة إسرائيل للأسرى الفلسطينيين جعل ظروف المحتجزين الإسرائيليين في غزة أسوأ، مشيرًا إلى أن “للشرّ ثمناً، وقد حان وقت دفعه”.
واستشهد الكاتب بتقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت للصحفي ناداف إيال، ذكر فيه أن جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) حذّر منذ أواخر عام 2024 من خطورة تصريحات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير والتحريض الإعلامي المرافق لها، إذ كانت تؤجج “الأوضاع المروّعة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون”، لكن – بحسب التقرير – لم يُصغِ أحد لتلك التحذيرات.
ويسرد ليفي تفاصيل مروعة نقلتها صحيفة الغارديان البريطانية في تحقيقها الأخير، الذي كشف عن 135 جثة مشوّهة ومقطعة لسجناء فلسطينيين أعيدت إلى غزة، مع ملاحظات تؤكد أن معظمهم كانوا محتجزين في سجن “سدي تيمان” سيئ السمعة. كما أظهرت الصور آثار قيود حديدية على الأيدي وتعذيب أدى إلى الموت خنقًا أو سحقًا تحت جنازير الدبابات.
ويضيف ليفي أن السجناء الفلسطينيين المفرج عنهم – وبينهم أطباء ومهنيون – وصلوا إلى غزة منهكين ونحفاء جراء سوء المعاملة، مستشهدًا بحالة الطبيب أحمد مهنا، مدير مستشفى العودة في جباليا، الذي قال إنه احتُجز في ظروف أشبه بـ“قفص للكلاب” حيث أطلق الجنود الإسرائيليون الكلاب عليه كوسيلة تعذيب وإذلال.
ويقول ليفي في مقاله إن “إسرائيل كانت تتباهى علنًا بتلك الأساليب، وتفاخر بظروف احتجاز الأسرى وكأنها إنجاز وطني”، مضيفًا أن الحكومة تدرك تمامًا أن غالبية الإسرائيليين يباركون الانتقام ويبرّرون التعذيب، ما يجعل من هذه السياسات انعكاسًا لإرادة الشارع وليس انحرافًا عنها.
وأشار إلى أن المؤسسات الرسمية في إسرائيل – الجيش، والشاباك، ومصلحة السجون – تعمل بانسجام لتنفيذ هذه النزعة الانتقامية، محذّرًا من أن تلك الجهات بدأت فعليًا في تطبيق سياسات إعدام وتعذيب بحق مقاتلي المقاومة الفلسطينية الذين شاركوا في عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويقارن الكاتب بين معاملة إسرائيل القاسية للأسرى الفلسطينيين وبين الطريقة التي احتُجز بها أدولف أيخمان، أحد كبار مجرمي النازية، موضحًا أن “أيخمان لم يتعرض لأي أذى جسدي طوال فترة احتجازه، حتى نُفذ فيه حكم الإعدام بقرار من المحكمة”.
ويضيف ليفي أن المزاج العام في إسرائيل اليوم “مشبع بالانتقام”، حتى أن بعض الصحفيين مثل بن كاسبيت دعوا علنًا إلى إعدام جميع مقاتلي كتائب النخبة التابعة لحركة حماس، معتبرين أن مجرد دخولهم إلى الأراضي المحتلة يوم السابع من أكتوبر كافٍ لتصنيفهم “إرهابيين يجب قتلهم”.
وفي ختام مقاله، يكتب جدعون ليفي:“اهتمام الإسرائيليين ينصبّ فقط على معاناتهم الخاصة، وكل ما عدا ذلك مغتفر. لقد أصبحنا مجتمعًا يحتفي بالإيذاء، يقدّر التعذيب، ويشعر بالنشوة من القسوة. أردنا السادية… وحصلنا عليها.”