روى وكيل وزارة الإعلام لقطاع السياسات والمحتوى الدكتور أحمد الشامي شخصية الفريق الشهيد القائد محمد عبد الكريم الغماري، رئيس هيئة الأركان العامة، الذي ارتقى شهيدًا وهو يؤدي واجبه الجهادي والإيماني دفاعًا عن الوطن والأمة.
وفي روايته المؤثرة، تحدث الشامي عن أول لقاء جمعه بالشهيد عام 2004 في جامعة صنعاء، حيث وجد فيه شابًا يحمل إيمانًا عميقًا وهمّة عالية تفوق عمره، مفعمًا بالتواضع والصفاء، لا يملك من يراه إلا أن يحبه ويحترمه. ظل الغماري، كما يقول الشامي، نموذجًا للبساطة والاتزان، لم تغيّره المناصب، بل زادته نضجًا ورسوخًا في الإيمان.
ويستعيد الشامي مشاهد لقائه به في سجن الأمن السياسي، مشيرًا إلى أنه وجده ثابتًا كالجبل، لم تكسره ثلاث سنوات من السجن والتعذيب، بل خرج أكثر يقينًا وصلابة، تغمر وجهه ملامح الإيمان والثقة بالله، يؤمن بأن طريق الحق لا تُثنيه قيود ولا تهزه محن.
وعن بداياته مع التصنيع العسكري، أوضح الشامي أن الشهيد انكبّ على دراسة كتب الكيمياء والفيزياء بإصرار منقطع النظير، رغم فقر الإمكانيات، وبدأ بإصلاح الصواريخ المضادة للدبابات بوسائل بسيطة وإبداعية. كانت تلك البداية نواة لمسيرة حافلة، أسس خلالها بنية أولى للتصنيع الحربي الوطني، ليصبح لاحقًا من روّاد تطوير القدرات العسكرية اليمنية.
قاد الغماري معارك الدفاع عن اليمن ضد التحالف الأمريكي السعودي، وشارك في معركة إسناد غزة، مؤمنًا أن “الواجب الجهادي لا يتجزأ وأن قضايا الأمة مترابطة”. وقد استطاع، من خلال علمه وإيمانه، أن يمزج بين المعرفة العسكرية والتصنيع الميداني، وبين الانضباط القتالي والبُعد الإنساني.
كان الغماري أكثر من قائد عسكري؛ كان أبًا لليتامى، وسندًا لأسر الشهداء، ورفيقًا للإعلاميين والمثقفين. تراه قريبًا من الجميع، يستمع بصدق، ويشارك هموم الناس كواحد منهم. وصفه الشامي بأنه “جندي الله، واسع المهام والاهتمامات، يحمل همّ الأمة بعقل القائد وقلب الإنسان”.
في وداعه الأخير، اختلطت دموع الفخر بدموع الحزن، والعيون تخفي عبراتها وهي تودع رجلاً أحبّه شعبه بصدق كما أحبّهم هو. بدا الحزن مهيبًا والغضب صامتًا، وكأن القلوب جميعها تهتف أن الوفاء لهذا القائد سيكون بمواصلة طريقه، الطريق الذي مزج بين العلم والجهاد، والإيمان بالوطن وبقضاياه الكبرى.
اختتم الشامي كلماته قائلاً إن دم الشهيد الغماري سيبقى منارة تهدي الأجيال، وإن روحه التي سكنت قلوب الناس ستظل رمزًا للوفاء، والإيمان، والتضحية في سبيل الله والوطن.
