تشهد مدينة عدن والمناطق الواقعة تحت سيطرة قوات التحالف والفصائل الموالية له، حالة غليانٍ شعبي غير مسبوقة مع اتساع رقعة الاحتجاجات الغاضبة لليوم السادس على التوالي، وسط انهيار تام في الخدمات الأساسية، وانقطاع متواصل للتيار الكهربائي، وصمت مطبق من السلطات الموالية للاحتلال.
ففي مديرية الشيخ عثمان، اندلعت مساء أمس موجة جديدة من التظاهرات الغاضبة، حيث أقدم المواطنون على قطع الطرقات الرئيسية وإشعال الإطارات احتجاجًا على انقطاع الكهرباء المتواصل وغياب أي حلول ملموسة. وأكد شهود عيان أن المدينة تعيش حالة احتقان شعبي حاد، فيما تتزايد الدعوات عبر مواقع التواصل إلى انتفاضة شاملة ضد الفساد والانهيار الاقتصادي والمعيشي.
ويرى مراقبون أن هذه التحركات الشعبية تأتي نتيجة مباشرة للسياسات الفاشلة لحكومة المرتزقة، واستمرار ما وصفوه بـ”سياسة العقاب الجماعي” التي تنتهجها سلطات التحالف ضد سكان عدن وبقية المحافظات الجنوبية، عبر إغراقها بالأزمات وغياب الخدمات الأساسية.
وفي سياقٍ متصل، كشفت مصادر إعلامية وناشطون عن تحركات أمريكية – سعودية – إماراتية لإعادة هيكلة ما يسمى بـ”مجلس القيادة الرئاسي” في عدن، عبر إقصاء عدد من أعضائه وقياداته الذين تحوّلوا – وفق تلك المصادر – إلى عبء سياسي ومالي على رُعاة المجلس الإقليميين.
ووفق المعلومات المتداولة، وضعت وزارة الخزانة الأمريكية قائمة سوداء جديدة تضم مسؤولين وأعضاء في مجلس القيادة، إلى جانب قادة عسكريين وتجارٍ موالين للتحالف، تمهيدًا لإصدار حزمة عقوبات بحقهم بتهم تتعلق بتهريب العملة والاتجار غير المشروع بثروات البلاد.
وأشارت التسريبات إلى أن التهديد بالعقوبات ليس جديدًا، إذ تم التلميح إليه في تقارير قناة “الحدث” السعودية قبل نحو شهرين، بالتزامن مع وصول فريق من الخزانة الأمريكية إلى عدن للإشراف على البنك المركزي وإدارته ميدانيًا.
ويرى مراقبون أن هذا التوجه يعكس خلافات حادة داخل أجنحة التحالف، وأن واشنطن تعمل على استخدام ورقة العقوبات لتصفية حسابات داخلية بين فصائل المرتزقة، في محاولة لإعادة ترتيب المشهد بما يخدم أجندتها العسكرية في البحر الأحمر.
وبحسب محللين سياسيين، فإن التهديد بالقائمة السوداء ليس سوى ورقة ضغط أمريكية وإسرائيلية مكشوفة تهدف إلى دفع الفصائل الموالية للتحالف نحو التصعيد العسكري ضد صنعاء، بعد فشل التحالف الغربي في وقف العمليات العسكرية اليمنية، خصوصًا البحرية منها، التي دعمت أبناء غزة وفرضت حصارًا فعّالًا على الموانئ الإسرائيلية.
وفي ظل هذا المشهد المتوتر، يرى مراقبون أن عدن تقف اليوم على أعتاب انتفاضة شعبية شاملة قد تغيّر المعادلة السياسية في الجنوب برمّته، خاصة مع تآكل شرعية الفصائل الموالية للتحالف، وانكشاف تبعية قادتها للضغوط الخارجية.
