المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    احتجاجات غاضبة في التربة بتعز للمطالبة بالعدالة في قضية مقتل المحامي عبدالرحمن النجاشي

    شهدت مدينة التربة بمحافظة تعز، اليوم الأحد، احتجاجات شعبية...

    تورط أمريكي – إماراتي في تجنيد “مرتزقة يمنيين” ونقلهم إلى غزة لخدمة الصهاينة

    كشف قيادي بارز في فصائل ما يُعرف بـ"المقاومة الجنوبية"،...

    فوضى الاحتلال ترفع تكاليف الشحن في ميناء عدن وتدفع الاقتصاد نحو الانهيار

    تشهد مدينة عدن المحتلة حالة من التدهور الاقتصادي غير...

    صوت من الغرب يكشف كيف علّمت غزة العالم معنى الصمود

    منذ أكثر من عامين، وغزة الجريحة تخوض أعتى معارك...

    صوت من الغرب يكشف كيف علّمت غزة العالم معنى الصمود

    منذ أكثر من عامين، وغزة الجريحة تخوض أعتى معارك الصمود في وجه آلة الحرب التي شنّها كيان الاحتلال الإسرائيلي، والتي لم تهدأ حتى بعد توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار بعد أكثر من 24 شهرًا من القتل والدمار، حربٌ لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل معركة أخلاقية وإنسانية فاصلة بين من يملك السلاح ومن يملك الإيمان، بين كيانٍ يقوم على الاحتلال والقتل والتهجير، وشعبٍ قرّر أن يكون حرًّا ولو كان الثمن حياته، وسط هذا الدمار الهائل، والجرائم التي ارتكبها كيان الاحتلال يومًا بعد يوم، برزت غزة لتعيد تعريف معنى الإنسانية، ولتعلّم العالم دروسًا في الثبات والعزّة والإيمان بعدالة القضية الفلسطينية.

    وفي خضم هذا المشهد المأساوي، برز صوت من قلب الغرب ليعكس عمق التحوّل في الوعي الإنساني العالمي تجاه القضية الفلسطينية، فقد انتشر مؤخرًا مقطع مصوّر لطبيب أمريكي من أصول شرقية يُدعى الدكتور سام شيخ علي، يعمل في قسم الطوارئ بمدينة شيكاغو، عبّر فيه عن احترامه العميق لصمود الشعوب التي تواجه الظلم، قائلاً:

    كل ما أتحمّله من خسائر لا يساوي شيئًا أمام تضحيات أحرار العالم في وجه الظلم، لا شيء أمام مقاومة أهل غزة، جنوب لبنان، إيران، اليمن، القدس، وكل الأحرار الذين يقفون في وجه كيان الاحتلال الصهيوني، ما فعلته أنا لا يُقارن بما يقدمونه، حتى لو ضاعفت كل مسيرتي المهنية ثلاث مرات، فلن أكون في مقام غبار أقدام المقاومين ضد هذا الكيان.”

    كلمات الطبيب الأمريكي هذه، الصادرة من قلب غربي يعيش وسط بيئة إعلامية مشبعة بالدعاية الإسرائيلية، لم تكن مجرد تعاطفٍ عابر، بل اعترافًا حقيقيًا بعدالة النضال الفلسطيني، وتعبيرًا عن التحوّل الفكري والأخلاقي الذي أحدثه صمود الشعب الفلسطيني في الوعي العالمي، لقد سقطت الصورة المزيّفة التي حاول كيان الاحتلال الإسرائيلي ترويجها لعقود عن نفسه كـ”دولة ديمقراطية” تواجه “الإرهاب”، أمام مشاهد الأطفال تحت الأنقاض، والمستشفيات المدمّرة، وصوت الأمهات اللواتي ودّعن أبناءهن بدموع العزّة لا الانهزام، لقد غيّرت غزة وجه الحقيقة في العالم، وأجبرت حتى الأصوات الحرة في الغرب على الاعتراف بأن الحق الفلسطيني لم يعد يُمكن إسكاته، وأن الصمود هو أعظم سلاح في وجه الاحتلال.

    غزة.. مرآة الحقيقة وسقوط الزيف

    منذ عقود، اعتمد كيان الاحتلال الإسرائيلي على ماكينة إعلامية ضخمة، مدعومة من الغرب، لبناء روايته وتبرير جرائمه تحت شعارات الأمن ومحاربة “الإرهاب”، لكن الحرب على غزة، بوحشيتها غير المسبوقة، كشفت الوجه الحقيقي لهذا الكيان أمام العالم بأسره.

    عبر شاشات الهواتف ومقاطع الفيديو التي بثها الصحفيون الفلسطينيون بأجسادهم قبل كاميراتهم، رأى العالم الحقيقة بلا فلاتر ولا تبريرات، لم تعد هناك حاجة إلى بيانات رسمية أو مؤتمرات صحفية، فصور الأطفال المحترقين في أحضان أمهاتهم كانت كافية لفضح الأكاذيب.

    لقد سقطت الأقنعة عن كثير من المؤسسات الإعلامية الغربية التي تجاهلت المجازر أو برّرتها، لكن في المقابل، ولد إعلام شعبي جديد قاده شباب فلسطينيون من الميدان، نقلوا بأعينهم مأساة شعبهم، فصارت غزة عنوانًا للحقيقة، ومرآةً لضمير الإنسانية.

    المقاومة.. جوهر الكرامة وسبيل الحرية

    المقاومة في غزة ليست مجرد فعلٍ عسكري، بل هي موقف وجودي، إنها تعبير عن رفض الذل، وإصرار على البقاء رغم الحصار والجوع والموت، لقد أدرك الفلسطيني أن العيش تحت الاحتلال موتٌ مؤجل، وأن المقاومة، بكل أشكالها، هي الطريق الوحيد للحياة الكريمة.

    رغم كل ما واجهه الشعب الفلسطيني من مجازر وتدمير، لم يرفع راية الاستسلام، وعلى العكس، كل بيت مهدوم وطفل شهيد صار وقودًا لمعركة الوعي والكرامة، من بين الركام، خرجت الأمهات وهنّ يقلن للعالم: لن نغادر، ولن ننسى، ولن نُهزم.

    هذا الصمود أعاد تعريف معنى النصر والهزيمة، فالنصر لم يعد يُقاس بعدد الطائرات أو الصواريخ، بل بقدرة الإنسان على الصمود، وعلى الحفاظ على إنسانيته في وجه القسوة المطلقة، وغزة اليوم، وهي تنزف، تعلّم العالم هذا الدرس العظيم.

    غزة تغيّر وجه العالم

    قبل حرب غزة الأخيرة، كان التعاطف العالمي مع الفلسطينيين محدودًا ومحاصرًا ضمن دوائر النشطاء والحقوقيين، أما اليوم، فقد شهد العالم انقلابًا في الوعي العالمي، خرجت مظاهرات ضخمة في العواصم الغربية من نيويورك إلى لندن، ومن باريس إلى سيدني، ترفع علم فلسطين وتطالب بوقف الإبادة ورفع الحصار.

    هذا التحوّل لم يكن بفضل السياسيين، بل بفضل الشعب الفلسطيني نفسه، الذي بصموده أحرج قادة العالم، وفضح ازدواجية معاييرهم، أصبحت القضية الفلسطينية اليوم رمزًا عالميًا للنضال ضد الاستعمار والعنصرية، ومصدر إلهام لكل الشعوب المقهورة التي تبحث عن حريتها.

    حتى بين الأكاديميين والمثقفين الغربيين، ارتفع الصوت ضد جرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي، وبدأت حملات المقاطعة تتسع في الجامعات والشركات، سقطت دعايات “الضحايا الدائمين”، وبرزت الحقيقة الساطعة: إن كيان الاحتلال هو المعتدي، وإن الفلسطينيين هم أصحاب الحق والأرض والتاريخ.

    رسالة غزة إلى العالم

    لقد علّمت غزة العالم أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع، وأن العدالة لا تُولد من صمت العالم، بل من إصرار المظلوم على مقاومة الظالم.

    كما قال الطبيب الأمريكي، فإن كل تضحية فردية في الغرب “لا تساوي شيئًا أمام صمود أهل غزة”، وهذا الاعتراف بحد ذاته يمثل انتصارًا أخلاقيًا وإنسانيًا للفلسطينيين. لأن معركتهم لم تعد محصورة في حدود الجغرافيا، بل تجاوزتها لتصل إلى ضمير البشرية.

    لقد نجح الفلسطينيون، من خلال صمودهم ومقاومتهم، في إعادة تعريف مفاهيم كبرى كالكرامة، والعدالة، والحرية، لقد أعادوا صياغة وعي العالم تجاه ما يجري في الشرق الأوسط، وأجبروا الجميع على مواجهة الحقيقة المرة: أن كيان الاحتلال الإسرائيلي ليس سوى نظام فصل عنصري دموي، يعيش على أنقاض شعبٍ أعزل.

    من تحت الركام يولد الفجر

    حين يروي التاريخ حكاية هذه الحقبة، لن يذكر أسماء القتلة، بل أسماء الصامدين. لن يتحدث عن الدبابات، بل عن الأطفال الذين رفعوا علم فلسطين رغم الدمار، سيذكر أن غزة، المحاصرة والجريحة، لم تركع، بل وقفت لتقول للعالم: الحرية تُصنع بالصبر والمقاومة.

    لقد علّمت غزة كل إنسانٍ معنى أن تكون حرًا، ومعنى أن تواجه الظلم مهما بلغت قوته. وكما قال الدكتور سام شيخ علي، فإن كل ما نقدمه نحن في أماكننا المريحة لا يساوي شيئًا أمام تضحيات من يقفون بصدورهم العارية في وجه كيان الاحتلال الصهيوني.

    وهكذا، تبقى غزة — رغم الدماء والدمار — منارةً للأحرار، تُذكّرنا بأن الحرية لا تُستجدى، بل تُنتزع، وأن صوت الحقيقة، مهما خنقوه، سيبقى يعلو حتى يكتب الله لهذه الأرض استقلالها وكرامتها.

    المصـــــــــــدرالوقت التحليلي
    spot_imgspot_img