المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    الاقتصاد الإسرائيلي بين تبعات الحرب والركود: كيان يترنّح تحت ثقل الانهيار البنيوي

    يعيش كيان الاحتلال واحدة من أكثر مراحله قتامة اقتصاديًا؛...

    غارات أمريكية على “شبوة” تسفر عن مقتل 7 أشخاص ومقتل مجند برصاص أحد زملائه

    قُتل سبعة أشخاص بينهم قياديان في تنظيم القاعدة، إثر...

    الاقتصاد الإسرائيلي بين تبعات الحرب والركود: كيان يترنّح تحت ثقل الانهيار البنيوي

    يعيش كيان الاحتلال واحدة من أكثر مراحله قتامة اقتصاديًا؛ فترابط الأزمات الأمنية والعسكرية والسياسية أطلق أزمةً عميقة تمسّ جذور البنية الاقتصادية. وبعد أكثر من عام على حرب غزة، لم يعد الركود نتيجةً عابرة لصراعٍ طويل، بل تحوّل —وفق روايات وتحليلات اقتصادية عديدة— إلى حالة هيكلية تقوّض ما كان يُوصَف يومًا بـ“المعجزة الاقتصادية الإسرائيلية”.

    تُجمِل قراءات اقتصادية المشهد بأن سوق العمل يواصل التراجع الحاد، وأن مؤشرات الأجور والتوظيف تعكس أزمة بنيوية تُبعد الاقتصاد عن مستويات ما قبل الحرب، وتُضعِف النموّ والاستثمار والإنتاج والطلب المحلي؛ ما ينذر بانكماشٍ ممتد. ويبرز تدهور قطاع التكنولوجيا المتقدمة “الهايتك” بوصفه مؤشرًا لافتًا؛ إذ تشير بيانات متداولة إلى هبوطٍ في متوسط الأجور وتراجعٍ في التوظيف والاستثمارات وتزايد هجرة الكفاءات نحو أوروبا والولايات المتحدة، في بيئة انعدام يقين وتآكل ثقة.

    تتحدث تقديرات عن ركودٍ بنيوي طويل يمتد حتى 2035، مدفوعًا بتراجع الاستثمارات، وارتفاع كلفة الاقتراض، وتضرر البنية التحتية جنوبيًّا، مع ضبابية سياسية متفاقمة. ويُشار إلى تباطؤ قسري نتيجة تراكم الدين وارتفاع الفائدة، بما عطّل الائتمان وجمّد مشاريع الإسكان والاستهلاك. وتُسرد أيضًا معطيات عن موجات خروج للسكان ورؤوس الأموال، واتساع عرض الشقق بلا طلب كافٍ، ووقف مشاريع بمليارات الدولارات، ما أصاب العقارات بالشلل.

    وعلى مستوى الأسعار، يَظهر تراجعٌ غير متوقع للتضخم في بعض الأشهر الأخيرة؛ غير أنه —بحسب هذه القراءات— «تراجعٌ سلبي لا إيجابي» نابع من انكماش الطلب، وتراجع القوة الشرائية، وضعف المبيعات، بما يدفع نحو معادلة «ركود تضخمي» ملتبسة: ضغوط سعرية متزامنة مع طلبٍ واهن.

    وتضع وكالات التصنيف الدولية الكيان تحت “مراقبة سلبية” مع تحذيرات من خفضٍ جديد للتصنيف إذا تواصلت الحرب أو توسعت. وتتداول تحليلات اقتصادية حديثة أن العجز المالي اتسع، والدَّين العام ارتفع، وأن النموّ تباطأ إلى مستويات متدنية؛ وهي مؤشرات لاضطرابٍ مالي لا تُعالجه أدوات نقدية تقليدية. ويزداد المشهد قتامةً مع انهيارٍ واسع للسياحة، وركود الصناعة التحويلية، وتراجع البناء بفعل كلفة التمويل والطلب، بالتوازي مع انسحاب بعض الاستثمارات الخارجية تحت وطأة مخاطر السمعة والعقوبات والدعوات إلى المقاطعة.

    هذا التدهور الاقتصادي يتقاطع مع تفككٍ سياسي حادّ، وتراجع قياسي في الثقة الشعبية بالحكومة، وتقدّم كلفة الحرب على أولويات التعليم والصحة والقطاعات المنتجة. ومع أن سردية “الاقتصاد الصامد رغم الحروب” روّجت طويلاً، تكشف الوقائع المتداولة اليوم هشاشة التوازنات التي قام عليها النمو السابق: التكنولوجيا، والاستثمار الأجنبي، والاستقرار السياسي النسبي. ومع تآكل هذه الركائز، يبدو المسار —وفق هذه القراءة— متجهًا إلى انكماشٍ ممتد، وتآكل اجتماعي، وارتفاع في الفقر والبطالة.

    الخلاصة: تتراكم المؤشرات على أزمةٍ بنيوية تتجاوز أثر الحرب المباشر. وبين “تمويل حربٍ طويلة بلا قاعدة إنتاجية صلبة” و“هجرة كفاءات ورؤوس أموال” و“تفاقم مديونية وعجز“، يتبدّى سؤال التعافي أكثر حدّة: هل يملك الاقتصاد الإسرائيلي أدوات العودة، أم أننا أمام نهاية سردية “المعجزة” وبداية عقدٍ من الانحدار؟

    spot_imgspot_img