المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    ورد الآن.. بيان مهم من وزارة الإتصالات في صنعاء بشأن “الإنترنت”

    أعلنت المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، في العاصمة صنعاء،...

    المؤتمر القومي.. قراءة نفسية في العدوان والعقل العربي

    ما يجري في المنطقة اليوم ليس مُجَـرّدَ صراع سياسي...

    كي لا تصبحَ جاسوسًا من حيثُ لا تدري..!

    في البداية عليك أن تفهم أنه لا يوجد هنالك...

    كي لا تصبحَ جاسوسًا من حيثُ لا تدري..!

    في البداية عليك أن تفهم أنه لا يوجد هنالك جهاز استخباراتي في العالم كله يطلب منك مباشرة أن تعمل جاسوسًا لصالحه إلا في حالة واحدة ونادرة فقط هي أن تسعى أنت نفسك إلى العمل معه بإرادتك وكامل قواك العقلية..

    معظم الجواسيس في العالم وعلى مر التاريخ يتم استدراجهم أولًا، وبطريقة ما، قبل أن يتم الإيقاع بهم والسيطرة عليهم باستخدام أساليب ووسائل ضاغطة كثيرة مثل: الإغواء أَو الإغراء أَو الابتزاز أَو الإكراه أَو الأيديولوجيا أَو غير ذلك من وسائل الضغط غير المشروعة..

    وهنا تكمن الخطورة.. ماذا يعني هذا..؟

    يعني أن الإنسان يمكن أن يتحول، وبدون حتى أن يدري، في لحظة إلى مشروع جاسوس؛ لمُجَـرّد فقط أن يتم استهدافه واستدراجه ما لم يكن طبعًا على قدر عالٍ من الحذر واليقظة والحس الأمني، وما لم يكن أَيْـضًا ذا وازع ديني وأخلاقي قوي، ورصيد وطني ضخم..

    وليس شرطًا في البداية طبعًا أن يكون الشخص المستهدف قريبًا من دوائر صنع القرار مثلًا وعلى صلة بأحد الشخصيات المهمة أَو يعمل في مؤسّسات أَو منشآت حساسة أَو أي شيء من هذا القبيل، بقدر ما هو شرط أن يكون لائقًا عقليًّا وذهنيًّا ونفسيًّا لتأدية دور الجاسوس وفق تقديرات ومعايير الجهة الاستخباراتية المجندة له..

    هبة سليم مثلًا حين قامت المخابرات الإسرائيلية باستهدافها كانت طالبة مصرية تدرس الأدب في جامعة فرنسية، وكان الغرض من استهدافها وتجنيدها فقط هو تحسين صورة كَيان الاحتلال في أوساط الطلاب العرب؛ ليتطور الأمر وتصبح فيما بعد واحدة من أخطر الجواسيس الذين جنَّدتهم (إسرائيل) للعمل لصالحها ضد وطنها مصر..

    لذلك، وبناءً عليه:

    فإن على كُـلّ مواطن يمني اليوم أن يعي أنه قد يكون في لحظة مستهدفًا وعرضة للاستدراج بطريقة أَو بأُخرى، خَاصَّة في ظل هذا الإصرار الصهيوأمريكي السعوديّ الإماراتي على الإيقاع والنيل من اليمن، الأمر الذي يحتم على كُـلّ واحد منَّا أن يكونَ على قدر عالٍ من المسؤولية والحيطة والحَذَرِ والحس الأمني تجاه أية أنشطة مشبوهة أَو علاقات شخصية قد تجره إلى مربع الخيانة دون أن يدري، وأن لا يتردّد في التواصل مع الجهات الأمنية سواء على الرقم 100 أَو 199 أَو 139 وإبلاغهم إذَا ما أحس يومًا أَو شعر أن ثمة من يريد استقطابه أَو استدراجه إلى مربع العار هذا..

    عليه أن يبلِّغَ وبس، حتى لو اتضح لاحقًا أن حدسَه أَو شعوره هذا لم يكن صائبًا أَو دقيقًا..

    وحتى أَيْـضًا لو وجد نفسَه قد تم استدراجُه فعلًا، وأصبح عُرضةً للابتزاز مثلًا أَو ما بعد مرحلة الابتزاز..

    أحمد الهوان الذي اشتهر باسم «جمعة الشوان» تم استدراجه والإيقاع به يومًا من قبل المخابرات الإسرائيلية للدرجة التي وصل بها معهم إلى مرحلة ما بعد الابتزاز، أَو مرحلة اللاعودة، فماذا فعل حين أدرك فداحة الأمر..؟

    لم يقل: خلاص انتهى الأمر ووقع الفأس في الرأس، أَو يقل: لم يعد أمامي من خيار آخر سوى الاستمرار معهم في درب الخيانة..

    بل تحلَّى بقدر كبير من الشجاعة والمسؤولية للدرجة التي جعلته يستدرك الأمر، ويتحَرّك سِرًّا إلى أحد مقارّ الأجهزة الأمنية طالبًا مقابلةَ الرئيس جمال عبدالناصر شخصيًّا، حَيثُ أبلغه بكُلِّ شيء..

    فما الذي حدث له..؟

    لا شيء سوى أنه، وبعد أن كاد أن يقع في مستنقع العار والخيانة بالعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية، عاد وعمل لصالح المخابرات المصرية كأحد أهم عملاء المخابرات المزدوجين في تاريخ المخابرات المصرية، متحولًا بذلك إلى بطل قومي يتذكره المصريون بكثير من التقدير والاحترام..

    أليس في مثل هذا النموذج ما يجعل الكثيرين ممن تم استدراجهم وتجنيدهم، يتخذون قرار العودة والرجوع عن مواصلة السير في طريق الخيانة إلى طريق الوطن..؟

    فقط ما عليهم سوى التواصل مع الأجهزة الأمنية المعنية والإبلاغ عبر الأرقام المذكورة آنفًا، وينتهي الأمر..

    والدولة خير ضامن لهم، والدولة والشعب خير من يقدر لهم هذا العمل..

    ما لم فإن مصيرَهم لن يكون إلا كمصير أقرانهم من الذين تم القبضُ عليهم وفضحهم على رؤوس الأشهاد..

    ولهم في نهاية هبة سليم عظةٌ وعبرة.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    عبدالمنان السنبلي

    spot_imgspot_img