نشرت صحيفة تايمز البريطانية، الثلاثاء، تقريراً موسعاً حذّرت فيه من تصاعد الأنشطة الجوية المريبة في أجواء أوروبا، حيث تتعرّض دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) لاختراقات متكررة بمسيّرات يُعتقد أنها تابعة لروسيا، في تطور يعكس تصاعد حدة الحرب الهجينة بين موسكو والغرب.
ووفق التقرير، فإن المخاوف من الخطر المتزايد دفعت سلاح الجو الملكي البريطاني إلى نشر وحدة متخصصة في مكافحة المسيّرات داخل الأراضي البلجيكية، بينما أرسلت ألمانيا وفرنسا قوات دعم فني ولوجستي في إطار جهود منسقة لتعزيز حماية المجال الجوي الأوروبي.
وذكرت الصحيفة أن المسيّرات المجهولة رُصدت في 15 دولة من أعضاء الناتو، من بينها ألمانيا وبلجيكا وهولندا وبولندا ودول البلطيق، وقد حلّقت قرب مطارات رئيسية في أكثر من نصف الحوادث، وفوق مواقع عسكرية حساسة في نحو ربعها، مما أثار حالة استنفار غير مسبوقة في القارة الأوروبية.
وحسب مسؤولين أوروبيين نقلت عنهم الصحيفة، فإن الهجمات تمثل “حملة منسقة في إطار حرب هجينة” تستهدف اختبار القدرات الدفاعية للناتو وتشتيت جهوده الاستخبارية، في وقتٍ تتصاعد فيه التوترات مع روسيا على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن هذه الأنشطة “تهدف إلى بث الخوف وزعزعة الاستقرار”، معتبرةً أن الأمر يتجاوز مجرد اختراقات تقنية إلى مستوى الهجوم المنظّم على البنية الأمنية الأوروبية.
أما المستشار الألماني فريدريش ميرتس فقد حمّل موسكو المسؤولية المباشرة عن تلك الاختراقات، قائلاً إن روسيا تستخدم “المسيّرات كسلاح سياسي واستخباري لاختبار جاهزية أوروبا.”
ويحذر الخبراء الأمنيون الأوروبيون من أن بعض هذه العمليات قد تُدار عبر متعاونين محليين يعملون بالوكالة لصالح جهات استخبارية أجنبية، ما يعقد مهمة إثبات المسؤولية المباشرة حتى في حال القبض على منفذين ميدانيين.
وبحسب مراقبين، فإن هذه التطورات تمثل تحدياً أمنياً خطيراً للناتو، إذ تشير إلى أن الحرب في أوكرانيا تجاوزت حدود الجبهات التقليدية، لتتحول إلى صراع مفتوح في سماء أوروبا ذاتها، حيث تُختبر أنظمة الدفاع وتُقاس قدرة الحلف على الرد السريع في مواجهة “الخصم غير المرئي” — المسيّرات.
