المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    “أسوشييتد برس” تسلط الضوء على رسالة “رئيس أركان” قوات صنعاء لكتائب القسام

    سلّطت وكالة “أسوشييتد برس” الأمريكية الضوء على الرسالة التي...

    فوضى الجنوب اليمني.. صراع سعودي إماراتي وتمرد فصائل المرتزقة يهدد بانفجار شامل

    تشهد المحافظات الجنوبية في اليمن فوضى غير مسبوقة نتيجة...

    فوضى الجنوب اليمني.. صراع سعودي إماراتي وتمرد فصائل المرتزقة يهدد بانفجار شامل

    تشهد المحافظات الجنوبية في اليمن فوضى غير مسبوقة نتيجة تصاعد الصراع بين السعودية والإمارات، وتضارب أجنداتهما داخل المحافظات النفطية والساحلية، وسط تمرد واضح للفصائل الموالية لهما وتبادل للاتهامات والسيطرة، في مشهد يؤكد أن التحالف الذي بدأ حربه تحت شعار “إعادة الشرعية” بات اليوم غارقًا في صراع نفوذ مفتوح.

    في محافظة شبوة، الغنية بالنفط والغاز، كثّفت الإمارات تحركاتها السياسية والعسكرية خلال الأيام الماضية، في محاولة لإحكام قبضتها على المحافظة التي تضم أهم منشآت الغاز اليمنية في بلحاف. وكشفت مصادر دبلوماسية أن السفير الإماراتي لدى اليمن محمد الزعابي التقى رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، حيث اشترط الأخير صرف المرتبات ودعم حكومته اقتصادياً مقابل استمرار السيطرة الإماراتية على شبوة.

    اللقاء جاء بالتزامن مع تحركات مكثفة للمبعوث الأممي هانس غروندبرغ بين مسؤولين يمنيين وإماراتيين، من بينهم أنور قرقاش وعبدالله العليمي، في سياق محاولات لإبرام صفقة تكرّس الوصاية الإماراتية على موارد المحافظة تحت غطاء أممي.

    بالتوازي، استدعت أبوظبي المحافظ عوض العولقي وعدداً من القيادات المحلية الموالية لها، وسط حديث عن نية تعيين القيادي علي الجبواني محافظاً جديداً بديلاً عن العولقي، في خطوة تعكس حدة التنافس السعودي الإماراتي داخل المحافظة.

    في الوقت نفسه، عادت الطائرات الأمريكية لتنفيذ غارات جوية بزعم ملاحقة “تنظيم القاعدة”، وهو ما يُقرأ كإشارة إلى تدخل أمريكي مباشر في توجيه مسار الأحداث وإعادة خلط الأوراق في الميدان.

    في المقابل، تراجعت السعودية عسكرياً في الساحل الغربي بعد مواجهات مع الفصائل الإماراتية في منطقة رأس العارة – باب المندب، حيث اضطرت قوات درع الوطن التابعة لها للانسحاب بعد توتر ميداني مع قوات العمالقة والحزام الأمني المواليتين لأبوظبي.

    وبررت الرياض تحركها بـ“مكافحة التهريب”، غير أنها استولت على شحنتي أسلحة إماراتية قبل الانسحاب، ما فاقم التوتر بين الطرفين وأعاد إلى الواجهة صراع السيطرة على المنافذ البحرية الإستراتيجية.

    وفي الشرق، تصاعدت الأزمة في محافظة المهرة، التي تعد هدفاً سعودياً لتأمين منفذ بحري لنفطها عبر بحر العرب. فقد أعلنت لجنة الاعتصام السلمي برئاسة الشيخ علي الحريزي رفضها لما وصفته بـ“وثيقة سعودية لتمكين فصائل سلفية من السيطرة على السواحل”، محذّرة من تصعيد شعبي سلمي لمواجهة المخطط. بالتزامن، دفعت الإمارات عبر “الانتقالي” بتعزيزات عسكرية ضخمة نحو المهرة، في مؤشر على أن المحافظة قد تتحول إلى بؤرة صدام جديدة بين أدوات التحالف.

    على الصعيد السياسي، أشعل حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين) فتيل مواجهة جديدة مع حكومة عدن ورئيسها سالم بن بريك، متّهماً إياه بـ“قطع المرتبات عن مقاتليه في مأرب وتعز”، ومهددًا بملاحقته قضائيًا وإسقاطه سياسياً.

    ويأتي التصعيد في إطار رفض الحزب تسليم عائدات النفط والغاز من مأرب إلى حساب الحكومة في عدن، رغم الضغوط الدولية التي تمارسها اللجنة الخماسية. وقد شهدت مأرب وتعز تظاهرات واسعة نظمها جرحى الحزب في رسالة تحدٍّ مباشرة للتحالف السعودي الإماراتي.

    أما المجلس الانتقالي الجنوبي، فقد عاد ليلوح بورقة فك الارتباط والانفصال عن القوى اليمنية الموالية للتحالف، إذ صرّح مدير إعلام المجلس منصور صالح بأن “الانتقالي لن ينتظر إذن أحد لاتخاذ قراراته السيادية”، في حين كشفت تسريبات عن خطة يقودها عيدروس الزبيدي لتوريد إيرادات المحافظات الجنوبية إلى حسابات خاصة في البنك الأهلي بعدن، في خطوة تُعد تمردًا اقتصاديًا صريحًا على اتفاق الخماسية الدولي.

    كل تلك التطورات تؤكد أن الجنوب اليوم يعيش مرحلة انهيار شامل في البنية السياسية والعسكرية للتحالف. فالإمارات تتصرّف كقوة احتلال تسعى لابتلاع المحافظات النفطية والسواحل، والسعودية تحاول تعويض خسائرها بفرض وصايتها على الشرق، بينما فصائل المرتزقة الموالية لهما تتناحر في ما بينها على النفوذ والموارد. أما الحكومة الموالية للتحالف فقد تحولت إلى جسم شكلي بلا سلطة حقيقية، بعد أن سلبها رعاتها القرار والسيادة.

    إن المشهد الجنوبي الراهن يكشف فشل التحالف في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرته، وتحولها إلى مسرح صراع بين أدواته، ما يجعل الجنوب اليوم على شفير انفجار سياسي وأمني قد يعيد رسم خارطة السيطرة في اليمن بالكامل.

    spot_imgspot_img