المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    الأرصاد يتوقع طقساً بارداً إلى شديد البرودة

    توقع المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر طقساً بارداً إلى...

    اتفاق بلا ضمانات: مأزق وقف إطلاق النار في غزة ولبنان

    وقف إطلاق النار كما هو قائم اليوم، يعيد إنتاج...

    سيادة لبنان على المحك.. بين خطاب الدولة وممارسة المقاومة

    على مفترق طرق تاريخي حاسم، يقف لبنان، سليل قرون...

    المؤامرة.. وحقّ الرد

    أعلنت الأجهزةُ الأمنية في صنعاء عن إحباط شبكة تجسُّس...

    السعوديّة وأوهام صنع الانتصار في اليمن

    في ظل محاولة البعض تصويرَ أن السعوديّة قد هُزمت...

    الجولاني.. عيِّنة على العمالة المقنّعة

    كرة السلة رياضة أميركية أصيلة يمارسها الأميركيون داخل أرضهم وخارج حدودها، لذلك لا تخلو أي منشأة عسكرية أو مدنية من ملاعب السلة، وعندما تجد عربيًا يتقن لعب السلة فاعلم أنه أمضى أوقاتًا طويلة في القواعد الأميركية، كما هو حال أحمد الشرع، أبو محمد الجولاني سابقًا.

    والحديث عن عمالة الشرع للصهيونية العالمية ليس مثارًا نقاش أو خلاف بل هو حقيقة ثابتة يعلمها السوريون علم اليقين، ومناطق جنوب سورية تشهد أن الشرع قدم للكيان أكثر مما كان سيقدمه الجاسوس الصهيوني “إيلي كوهين” لو كان وصل للحكم في ستينيات القرن العشرين.

    ولكن القاعدة التي تؤكدها عمالة الشرع أن التنظيمات التكفيرية بمختلف مسمياتها خرجت من حضن العباءة الأميركية، بما فيها القاعدة وداعش، وكل جريمة قتل أو ذبح نفذتها عناصر الجولاني وغيره هي نتاج التآمر الاستخباراتي الغربي، والأدهى أنها تتخلى عن ثوبها التكفيري وترتدي آخر علماني بمجرد أن تقتضي ذلك مصلحة واشنطن أو تل أبيب.

    والجولاني ليس إلا عينة على تفاهة الفكر الوهابي الذي أنشأه الغرب لخدمة مشاريعه في البلاد الإسلامية، ومن يتتبع جذور السلفية الوهابية يجد أنها منذ بدايتها كانت أداة طيّعة في يد القوى الاستعمارية، وعلى رأسها الاستخبارات البريطانية التي أدركت مبكرًا أن تفتيت الأمة لا يكون إلا من داخلها، وعلى نفس النسق جاءت الولايات المتحدة لتعيد إنتاج الفكر ذاته بثوب جديد، حين استثمرت هذا المنهج بعد الحرب الباردة لتصنع به جيوشًا عقائدية تحارب خصومها بالنيابة عنها.

    أما عن رعاة الجولاني الشرقيين كقطر وتركيا، فهي بدعمها له إنما تؤكد تآمرها مع الغرب ضد الأمة الإسلامية، ولو كان لها ولاء لله ودينه لرأيناها تمول أهل غزة بالغذاء والسلاح كما فعلت مع التنظيمات التكفيرية في الأراضي السورية، فهناك تقاطعت مصالح الخونة مع مشغليهم بوضوح، وما فعلته غزة لاحقًا كان تأكيدًا للمؤكد، لا أكثر.

    أما عن مصير الشرع فلن يختلف كثيراً عن مصير العملاء في المنطقة من قبله، فصدام حسين الذي قاتل بكل قوة إلى جانب المشروع الغربي في الثمانينات أنتهى به الحال إلى العزل السياسي ثم التصفية الجسدية دون أن يرعوا حق عمالته هو وسائر الزعماء العرب، فسنة أهل الكتاب في الخونة هي ذاتها لم ولن تتغير، ومأ أسوأ أن يلاقي العميل الهلاك وهو في درب الخيانة والغدر، وهو من كان يسخر ويشمت رجال الرجال يوم قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الله ونصرةً لقضايا الأمة، كالسيد حسن نصر الله، الذي احتفل بمقتله الشرع كما احتفل به اليهود.

    في المحصلة، لم تعد خيوط المؤامرة خافية على أحد، فالأقنعة سقطت والحقائق باتت تُقال بصوتٍ عالٍ بعد أن كانت تُهمس في الظلال. إن ما جرى في سورية والعراق، وما جرى قبل ذلك في أفغانستان وليبيا، ليس سوى فصول من مسرحية واحدة كتب نصها في دهاليز الاستخبارات الغربية، وأُسندت أدوارها إلى عملاء ومأجورين يتقنون التمثيل باسم الدين والجهاد.

    لقد انكشف زيف الشعارات التي رُفعت، وسقطت القداسة عن التنظيمات التي زعمت أنها تحكم بشرع الله، فإذا بها تبيع نفسها للشيطان السياسي بثمنٍ بخس. واليوم، وبينما تقف غزة شامخة تقاتل بدمها الطاهر، تنكشف أكثر فأكثر خيانة من دعموا الخراب في سورية ولبنان والعراق، وتظهر المفارقة المؤلمة بين من يقاتل العدو الحقيقي، ومن يفتح له الطريق باسم الدين.

    تلك هي الحقيقة التي يحاول الكثيرون طمسها، لكنها ستبقى شاهدة على زمنٍ انقلبت فيه المفاهيم، وتبدلت فيه الموازين، حتى صار الجهاد سلعة، والوطن ساحة، والعدو راعيًا لمن يزعمون الجهاد في سبيل الله.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد محسن الجوهري

    spot_imgspot_img