ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، مجزرة جديدة بحق المدنيين في قطاع غزة، رغم استمرار اتفاق وقف إطلاق النار، ما أسفر عن استشهاد 28 فلسطينياً بينهم 17 طفلاً وامرأة وإصابة أكثر من 77 آخرين في سلسلة غارات شنّتها طائرات الاحتلال على مناطق سكنية في مدينة غزة وخان يونس.
وأفاد مصدر طبي في المستشفى المعمداني بأن ستة فلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، استشهدوا في غارة استهدفت مبنى يؤوي نازحين بحي الزيتون جنوب شرقي غزة، فيما أعلن مجمع ناصر الطبي عن استشهاد سبعة آخرين جراء استهداف خيام نازحين في منطقة المواصي بخان يونس، ما رفع حصيلة الشهداء منذ صباح اليوم إلى قرابة الثلاثين.
تزامناً مع ذلك، نفذت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي قصفاً مكثفاً على مناطق خلف الخط الأصفر في بلدة بني سهيلا شرقي خان يونس، وسط تحليق مكثف للطائرات الاستطلاعية، في وقت تحدث فيه جيش الاحتلال عن “عملية عسكرية محددة” زعم أنها استهدفت اجتماعاً لقيادات في كتائب عز الدين القسام.
وقالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي إن الغارات استهدفت من وصفتهم بـ”قادة ميدانيين بارزين” في حماس، بينهم قائد كتيبة الزيتون ونائب قائد المنطقة ورئيس الوحدة البحرية، وهي مزاعم وصفتها مصادر فلسطينية بأنها ذرائع لتبرير مجازر معدّة مسبقاً ضمن ما يسمى بـ”تحديث بنك الأهداف”.
المحلل العسكري رامي أبو زبيدة اعتبر في تعليق له أن الاحتلال “يختلق أحداثاً وهمية داخل مناطق يزعم السيطرة عليها”، مضيفاً أن ما يجري “ليس رداً على هجوم بل استمرار لسياسة التصعيد وتوسيع رقعة الدمار”.
وبحسب صحيفة هآرتس، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية نفسها “لم تحدد بعد نتائج العملية”، فيما كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن القيادة الأميركية أُبلغت مسبقاً بالغارات في غزة.
وفي موازاة التصعيد العسكري، نظم أهالي المفقودين في القطاع وقفة احتجاجية أمام مجمع ناصر الطبي بخان يونس، طالبوا خلالها بالكشف عن مصير أبنائهم الذين فقدوا خلال الاجتياحات الأخيرة، داعين إلى تحرك محلي ودولي عاجل للضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل الإفراج عن معلومات بشأن أماكن احتجازهم وأوضاعهم الصحية.
من جانبها، أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في غزة وخان يونس، ووصفتها بأنها “تصعيد خطير ومحاولة فاضحة من نتنياهو لاستئناف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني”، مؤكدة أن الاحتلال يواصل خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار وسط تواطؤ دولي وصمت أمريكي مريب.
وقالت الحركة في بيانها إن “الادعاءات الإسرائيلية بشأن تعرض قوات الاحتلال لإطلاق نار محض افتراء يهدف لتبرير الجرائم”، مشيرة إلى أن أكثر من 300 شهيد سقطوا منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع استمرار سياسة هدم المنازل وإغلاق معبر رفح البري ومنع تدفق المساعدات.
وطالبت حماس الولايات المتحدة والإدارة الأمريكية بالوفاء بتعهداتها كضامن للاتفاق، ودعت الوسطاء في مصر وقطر وتركيا إلى التدخل الفوري لإلزام الاحتلال بوقف انتهاكاته، مؤكدة أن استمرار العدوان يهدد بانهيار مسار التهدئة بالكامل، ويكشف أن إسرائيل تسعى لفرض وقائع جديدة بالقوة رغم التزاماتها الموقعة.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تتزايد فيه المخاوف من انهيار كامل لاتفاق وقف إطلاق النار وسط استمرار العدوان الإسرائيلي، وارتفاع أعداد الشهداء المدنيين في غزة وخان يونس، ما يعيد إلى الواجهة مشهد الإبادة الجماعية التي عاشها القطاع منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.
