المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    اليوم الـ45 من وقف إطلاق النار في غزة: خروقات متصاعدة وأزمة إنسانية خانقة

    في اليوم الخامس والأربعين لبدء اتفاق وقف إطلاق النار...

    قصف سعودي مكثّف يطال قرىً سكنية في مديرية رازح الحدودية

    تعرضت قرى سكنية في مديرية رازح الحدودية بمحافظة صعدة،...

    ما بين السطور.. اغتيال القيادي في حزب الله السيد أبو علي الطبطبائي

    ليست آلةُ الحرب الإسرائيلية وحدَها التي تحلّق في السماء...

    رابطة علماء اليمن: “سلاح المقاومة خطّ أحمر” و”لا تفاوض عليه”

    أعلنت رابطة علماء اليمن وقوفها الراسخ إلى جانب المقاومة...

    مشروع تأهيل كورنيش الحديدة.. نقلة حضرية تعيد الحياة إلى واجهة البحر الأحمر

    بعد سنوات من الإهمال والتدهور الذي لحق بالواجهة البحرية...

    غزة: وقفُ نارٍ هشّ.. وانتهاكات تتجدّد بلا توقف

    منذ اللحظة الأولى لإعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لم يكن “الهدوء” سوى أمنيةٍ يتشبث بها السكان بعد شهورٍ مذهلة من العنف.. خرج الناس إلى الشوارع بخطواتٍ متردّدة، يبحثون عن جُرعة ماء أَو رغيف خبز، وكأن القطاع يلتقط أنفاسه الأولى بعد غرقٍ طويل.. لكن سَرعانَ ما تبيّن أن هذه التهدئة ليست إلا هُدوءًا معلقًا في الهواء، هشًّا إلى حَــدّ التلاشي عند أول نكث من الاحتلال.

    لم تمضِ ساعاتٌ على إعلان الهُدنة حتى بدأت الخروقات تتوالى: توغلات محدودة تتحول إلى اشتباكات، وإطلاق نار “تحذيري” يصيبُ المدنيين، وعمليات مراقبة تتحول إلى مواجهات، بينما يقف المدنيون في المنتصف، يدفعون ثمنًا جديدًا لوقف إطلاق نار لم يتحقّق فعليًّا.

    أسئلة بلا إجابات.. وواقع مُر

    الأسئلة التي يطرحها السكان كُـلّ يوم تبدو بسيطة، لكنها موجعة: ما جدوى الهُدنة إن لم تمنحْنا الأمان؟ وكيف يتوقف القتال بينما لا يزال الرصاص حاضرًا في المشهد؟

    تتكرّر الأسبابُ ذاتُها مع كُـلّ خرق: “اشتباه”، “تحذير”، “تحَرّك غير مألوف”.. ذرائع سَرعانَ ما تتحول إلى خطوطٍ تبرّر سقوط ضحايا جدد.

    ورغم الروايات الرسمية المتبادلة، يظل الواقع واضحًا أمام سكان القطاع: التهدئة تتآكل يومًا بعد يوم، والدم هو الثمن الوحيد الثابت.

    حياة فوق الركام.. وانتظار بلا نهاية

    في شوارع غزة، تتجاورُ الحياةَ مع الركام.. بيوت مهدمة تقف كشواهد صامتة، بينما يمضي السكان في مساراتهم اليومية تحت وطأة الخوف والقلق.

    ومع كُـلّ خرق، يعود الماضي بكل ثقله: أصوات الانفجارات، صفارات الإسعاف، ووجوه غابت تحت الردم.

    لقد تحول وقف إطلاق النار إلى تعهد غير مكتمل، يسقط أمام اختبار كُـلّ يوم جديد.

    فأي وقف للنار هذا الذي لا يمنع استمرارها؟ وأي سلامٍ يُبنى فوق أرض لا تزال تعيش على وقع الاشتباكات والتوغلات؟

    يقف سكان القطاع اليوم في مساحة رمادية لا حدود لها: لا حرب معلنة، ولا سلام يطمئنون إليه.

    إنها حالة إنهاك تمتد من الجسد إلى الروح، تُبقي الجميع في دائرة انتظار لا تنتهي، بينما تغيب أي رقابة دولية فاعلة، فيتحول القطاع إلى منطقة مفتوحة أمام الانتهاكات، وكأنه خارج نطاق رؤية العالم.

    إرادَة الحياة.. الروح التي لا تُقهر

    ورغم كُـلّ هذا العناء، ما زالت غزة تمتلك شيئًا لا يمكن حصاره: إرادَة الحياة.

    روحٌ تُعيد ترتيب نفسها كُـلّ يوم كي تستمر.. أملٌ ولد من تحت الركام ويكبر رغم كُـلّ شيء.

    فغزة التي واجهت ما يكفي لإسقاط مدنٍ كثيرة، ما زالت تقف، تقاوم بصمت، وتقول للعالم إن الطرق قد تُغلق، والأسقف قد تسقط، لكن الروح التي تعلّمت النجاة لا يمكن كسرها.

    ختامًا.. صرخة إنسانية

    غزة ليست مُجَـرّد منطقة تُذكر في نشرات الأخبار، بل هي حكاية صمود شعبٍ يواجه الواقع بأكثر مما يملك.

    ومع استمرار الانتهاكات رغم وقف إطلاق النار، يبقى الواجب الإنساني أن يُقال بوضوح: هذا الدم ليس مادة للتفاوض، وهذه الأرواح ليست تفاصيل يمكن تجاوزها.

    غزة، التي تعيش فوق خط النار، لا تطلب معجزات.

    بل سلامًا حقيقيًّا يحمي الإنسان قبل أن يحمي الحدود، هدنةً تُحترم، لا هدنة تُعلن فيما الرصاص يواصل حديثه خلف الستار.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    هاشم عبدالجليل جحاف

    spot_imgspot_img