المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    حزب الله.. ولَّادُ قادة بمستوى الشهداء

    تشكِّلُ العملياتُ المتكرّرةُ التي ينفِّذُها الكَيانُ الصهيوني ضد قيادات...

    حين تُفتَح أبواب الغضب

    لم يكن اغتيال القائد الجهادي الكبير، الشهيد هيثم علي...

    حرص صنعاء على اليمن أرضًا وإنسانًا

    مع مرور الزمن، بات جليًّا للقاصي والداني حرصُ قيادة...

    فصائل مرتزِقة الاحتلال.. صراعٌ بإيقاع أسيادهم

    من يُراقِب المشهد في المحافظات اليمنية المحتلّة يجد نفسه أمام صورةٍ معقَّدة من تداخل الولاءات وتشابك المصالح؛ إذ لم تعد “الشرعية” الدولية وحدها كافية لضمان سيطرة فعلية.. فالحكومة المعيَّنة من الاحتلال تواجه تحدّيًا وجوديًّا في فرض هيمنتها خارج نطاق القرارات الشكلية، في ظل اعتمادها الكلي على الدعم اللوجستي والمالي والعسكري من دول التحالف؛ مما أفقدها استقلاليتها وجعلها رهينةً تحالفاتٍ هشّة.

    وفي المقابل، يمثّل صعودُ مجاميعَ مشكَّلة ومدعومة إقليميًّا – كالمجلس الانتقالي الجنوبي أَو قوات طارق عفاش – أحد أبرز معادلات التحدّي الجديدة.

    ففي عدن ومحافظات الجنوب، يرسّخُ الانتقالي يومًا بعد يوم قبضته على المؤسّسات الأمنية والإدارية، ويُهمّش دور “مجلس القيادة الرئاسي” (المعروف إعلاميًّا بمجلس الثمانية) بشكل متزايد.

    وعلى سبيل المثال، فإن النشاطَ الدبلوماسي المكثّـف للمجلس الانتقالي يشير إلى سعيه لترسيخ نفسه، متجاوزًا الإطارَ الرسمي لما يُعرف بـ”المجلس الرئاسي”.

    ولا يمكن فصل هذا الصراع بين فصائل الاحتلال عن الواقع الاقتصادي المتردّي، الذي تحوّل من مُجَـرّد أزمة معيشية إلى أدَاة ضغط وساحة صراع خفيّة.

    فاستمرار تدهور العملة المحلية وانهيار الخدمات الأَسَاسية – كالكهرباء والوقود، خُصُوصًا في عدن – لم يعد مُجَـرّد فشل إداري، بل أصبح ورقةً تتداولها الأطراف المتنافسة لتحقيق مكاسب سياسية وتقويض شرعية بعضها البعض.

    كما تظل إدارة الموارد السيادية – كالإيرادات النفطية والجمارك – بؤرةً للصراع بين جميع الأجنحة داخل معسكرَي الرياض وأبوظبي.

    وفي خلفية هذا المشهد الداخلي المتأزّم، تبرز سياسة دول التحالف – ولا سيما السعوديّة – كعاملٍ حاسم.

    فتغيّر الأولويات الإقليمية للسعوديّة والإمارات، والتركيز على البحث عن مخرجٍ من الحرب ككل، أَدَّى إلى ضغطٍ غير مباشر على الأطراف اليمنية لتجميد صراعاتها الداخلية.

    لكن هذا التوجّـه يقابله في الواقع استمرار الدعم العسكري المباشر من دول التحالف لميليشيات محلية، مثل “العمالقة” و”ألوية درع الوطن”، مما يخلق حالة من الازدواجية ويعزّز تمزّق البلاد وتفتّت وحدة القرار.

    الخلاصة:

    الأسابيع الماضية كشفت عن مرحلة جديدة على الصعيد الداخلي للمناطق الخاضعة لسيطرة التحالف.

    فـ”مجلس القيادة الرئاسي” يبقى إطارًا هشًّا تجمعُه ضرورات إقليمية أكثر من إرادَة سياسية محلية، بينما تستمر سلطتُه في التآكل لصالح مجاميع عسكرية تتنوّعُ ولاءاتها.

    ويبقى السؤال الأكبر: هل يمكن تحويلُ هذه التركيبة المعقَّدة من مراكز النفوذ المتعددة إلى استقرار مؤسّسي قادر على تقديم الخدمات للمواطن؟ أم أنّ هذه التركيبة مُقدَمة على مزيدٍ من التفتّت والانهيار؟!

    ولتكن الصورة أكثر وضوحًا: لا بد لأية عملية سلام مستقبلية أن تأخذ بعين الاعتبار الخارطة التي تطرحها صنعاء، والاعتراف بأن إعادة بناء الدولة اليمنية تمرّ حتمًا عبر الاعتراف بحقّ صنعاء واستحقاقها للسلام، وأنها الجهة الوحيدة المؤهلة للتحدث باسم اليمن – سواء أمامَ الرياض وأبوظبي وحتى واشنطن – بدلًا عن الاعتماد على كياناتٍ هشّة من الخونة والعملاء تجعل آمال السلام تبدو أكثر صعوبة وتعقيدًا.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    غالب المقدم

    spot_imgspot_img