المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    نهاية (إسرائيل) حتمية؟ قراءة تحليلية في مستقبل كَيانٍ بُني على التناقضات

    لم تعد نهايةُ كَيانِ الاحتلال خيالًا سياسيًّا أَو أمنية...

    قمة الاجرام وفداحته عندما يدين الجلاد ضحاياه

    في عصر الهيمنة الأمريكية والاستكبار العالمي، حَيثُ تتشابك الخطوط...

    القطاع الصحي يحتضر: مأساة غزة المنكوبة

    غزة تنزف، ونظامها الصحي يختنق تحت الركام، وما لم...

    نهاية (إسرائيل) حتمية؟ قراءة تحليلية في مستقبل كَيانٍ بُني على التناقضات

    لم تعد نهايةُ كَيانِ الاحتلال خيالًا سياسيًّا أَو أمنية عاطفية، بل أصبحت مادة للنقاش داخل مراكز الأبحاث الغربية ذاتها.. فالكثير من المعطيات – العسكرية والاجتماعية والاقتصادية والدولية – تشير إلى أن الكيان يعيش مرحلة “ما بعد الذروة”، وأنه يسير ببطء نحو نقطة الانكسار التاريخية.. هذه قراءة تحليلية لأهم المسارات التي تقود إلى نهايته المحتومة.

    أولًا: كيان قام بالقوة.. ويضعف حين تتراجع القوة

    لم تُبنَ (إسرائيل) على تماسك اجتماعي أَو قاعدة حضارية، بل على:

    – تفوق عسكري مدعوم غربيًّا.

    – هجرة يهودية منظمة.

    – خطاب ديني وسياسي يوعد بالأمان.

    – تفوق تكنولوجي واقتصادي نسبي.

    اليوم، جميع هذه الأعمدة تهتز:

    الردع لم يعد رادعًا.

    الهجرة انقلبت إلى هجرة معاكسة.

    الاقتصاد يتأثر بالحروب المتكرّرة.

    والتفوق العسكري يتآكل أمام صواريخ المقاومة المتطورة.

    إن كيانًا قام بالسلاح يسقط عندما يُسلب منه شعوره بالقوة.

    ثانيًا: التشققات الداخلية.. أخطر من الصواريخ

    (إسرائيل) من الداخل ليست دولة واحدة، بل ثلاث دول تعيشُ تحت سقف واحد:

    1- دولة المتدينين الذين يزدادُ نفوذُهم ويهدِّدون بنيةَ الجيش والاقتصاد.

    2- دولة العلمانيين الغاضبين من طغيان الخطاب الديني.

    3- دولة المستوطنين اليمينيين الذين يعيشون بنفسية الحرب الدائمة.

    هذه الانقسامات ليست خلافًا سياسيًّا، بل صراع هُوية يهدّد بتفكُّك المحتلّين مع انخفاض الثقة بالجيش.

    يضاف إلى ذلك الامتناع المتزايد عن الخدمة العسكرية، والاحتجاجات التي تملأ الشوارع، والخوف الداخلي الذي يكبر مع كُـلّ حرب.

    ثالثًا: انفجار الوعي العالمي

    لأول مرة منذ 75 عامًا، يفقِدُ الكَيانُ قدرتَه على التحكم في الرواية.

    فالمجازر في غزة، والتهجير، واستهداف المدنيين، كُـلّ ذلك وضع (إسرائيل) في عزلة أخلاقية غير مسبوقة.

    هذا التحول ينعكسُ على:

    الجامعات الغربية، والنقابات، والإعلام الدولي، وحتى الرأي العام الأمريكي.

    ومتى ما خسرت (إسرائيل) “التبريرَ الأخلاقي” الذي كانت تتكئ عليه، ستصبح كلفة دعمها باهظة على من يحميها.

    رابعًا: التراجع الأمريكي.. مِظلة تتمزّق

    (إسرائيل) ليست دولة مستقلة تمامًا، بل قاعدة متقدمة للمشروع الغربي في المنطقة.

    لكن هذا الغرب نفسه يواجه:

    – أزمات اقتصادية.

    – صعود الصين وروسيا.

    – انقساما سياسيًّا داخليًّا.

    – إرهاقًا من دعم الحروب البعيدة.

    مع الوقت، قد تجد واشنطن أن الدفاعَ عن كَيان الاحتلال لم يعد أولوية، وأن الكَيانَ قد تحوّل من ورقة رابحة إلى عِبْءٍ استراتيجي.

    ومتى ما تقلص الدعم، سينكشفُ الكَيانُ بالكامل.

    خامسًا: صعود محور المقاومة.. معادلة تتغير

    إن معركةَ “الوعد الصادق” الأولى والثانية، وتدخُّلَ لبنان، والعمليات البحرية والبرية اليمنية، وقدرات غزة التي صمدت رغم الحصار، كلها كشفت معادلة واضحة: الاحتلال لم يعد يواجه طرفًا واحدًا، بل منظومة متصلة من الساحات.

    هذه المنظومة: تقصف، وتحاصر، وتربك الاقتصاد، وتفتح ساحات لا يستطيع الكيان إغلاقها.

    المعركة القادمة – حين تتزامن كُـلّ هذه الساحات – ستكون لحظة فاصلة.

    سادسًا: السيناريو الواقعي لنهاية الكيان

    بحسب معظم التحليلات، لن تكونَ النهاية انهيارًا مفاجئًا، بل عملية تراكمية عبر ثلاث مراحل:

    هزيمة عسكرية استراتيجية: حرب لا يستطيعُ الجيشُ تحمُّلَها، تتزامنُ فيها جبهاتٌ متعددة، وتفقد المستوطنين الثقة بقدرة الدولة على حمايتهم.

    انهيار داخلي اجتماعي وسياسي: احتجاجات، وانقسام هوياتي، وتراجع اقتصادي، وهجرة معاكسة، وعودة اليهود إلى بلدانهم الأصلية.

    تراجع دولي حاد: انسحاب تدريجي للدعم الأمريكي والغربي، ووصول الكيان إلى عزلة كاملة، بما يشبه سقوط نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

    وحين تتداخل هذه المراحل، يبدأ الكيان بالانكماش، ثم التفكك، ثم الزوال.

    نهاية حتمية محكومة بالزمن لا بالاحتمال

    (إسرائيل) اليوم ليست في بداية قوتها، بل في بداية نهايتها.

    كُـلّ المؤشرات – من الداخل والخارج – تؤكّـدُ أنها كَيانٌ مؤقَّتٌ يعيشُ فوقَ خط زلازل، آخره الانهيار.

    قد يطولُ الزمنُ أَو يقصُر، لكن النهاية لم تعد سؤال “هل؟”، بل أصبحت سؤال “متى وكيف؟”.

    وإذا كان قيام الكيان قد تم بالقوة، فَــإنَّ نهايتَه ستكون نتيجة:

    – مقاومة متصاعدة.

    – وشرعية منهارة.

    – ودعم دولي متراجع.

    – وداخل مفكك.

    – ووعي شعوب يتغير.

    هكذا ينتهي كيانٌ لم يملك يومًا جُذورًا في الأرض التي ادعى أنها وطنُه.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    عبدالله عبدالعزيز الحمران

    spot_imgspot_img