شهدت الساحة السورية، اليوم الأربعاء، تطورات ميدانية متسارعة تمثّلت في انفجارٍ ضخمٍ في محافظة إدلب شمالي البلاد أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة تسعة آخرين، تزامناً مع توغلٍ عسكري جديد لقوات الاحتلال الإسرائيلي في محافظة القنيطرة جنوباً، في إطار سلسلة انتهاكات متواصلة للسيادة السورية.
وقال المكتب الإعلامي لمديرية الأمن الداخلي بمحافظة إدلب إن الانفجار الذي وقع في بلدة كفر تخاريم نتج عن تفجيرٍ داخل مستودع أسلحة تابع لوزارة الدفاع، مضيفاً أن الانفجار أدى إلى مقتل خمسة مدنيين وإصابة تسعة آخرين، بينما لا يزال عدد من الأشخاص مفقودين تحت الأنقاض.
وأوضح مدير منطقة حارم أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الانفجار نجم عن خللٍ في ورشة عمل قريبة كانت تقوم بأعمال لحام قرب المستودع، ما أدى إلى اشتعال النيران في الذخيرة، مشيراً إلى أن فرق الإنقاذ والإطفاء ما تزال تعمل في الموقع لرفع الأنقاض وتحديد حجم الخسائر النهائية.
وأفادت وكالة سانا بأن سحباً كثيفة من الدخان غطّت سماء المنطقة، فيما سُجّلت أضرار مادية جسيمة في المباني المجاورة نتيجة شدّة الانفجار. ويُعد هذا الحادث الأحدث في سلسلة من الانفجارات التي شهدتها سوريا خلال العام الجاري، حيث تكررت الحوادث في أكثر من 10 مستودعات أسلحة بسبب سوء التخزين وغياب إجراءات السلامة.
توغل إسرائيلي جديد بالقنيطرة يرفع منسوب التوتر على الحدود
وفي الجنوب السوري، توغلت قوة للاحتلال الإسرائيلي مؤلفة من ثلاث آليات عسكرية اليوم الأربعاء في ريف القنيطرة الشمالي، وفق ما أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وقالت الوكالة إن قوة الاحتلال الإسرائيلي توغلت بين قريتي العجرف وأم باطنة وأقامت حاجزاً عسكرياً مؤقتاً قبل أن تنسحب، مشيرة إلى أن ذلك يأتي ضمن سلسلة خروقات متكررة لاتفاقية فضّ الاشتباك الموقعة عام 1974.
وشهدت القنيطرة تصاعداً في وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية خلال نوفمبر الجاري، حيث وثّق المرصد الميداني السوري 46 خرقاً، بينها 45 توغلاً ميدانياً وحادث قصف مدفعي واحد، ما يشير إلى اتجاهٍ تصعيدي ممنهج من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة الحدودية مع الجولان السوري المحتل.
وذكرت التقارير أن الاحتلال أقام خلال الأسبوع الجاري أكثر من حاجز عسكري قرب قرى رويحينة وبئر عجم وبريقة، بعضها على مقربة من نقاط تمركز قوات الأمم المتحدة (أوندوف)، في خرقٍ صريحٍ للقانون الدولي، قبل أن تنسحب بعد ساعاتٍ من التوغل.
ويُلاحظ في خضمّ هذه التطورات استمرار صمت الحكومة “الجديدة” التابعة لهيئة تحرير الشام بزعامة أبو محمد الجولاني تجاه الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية، سواء في الجنوب أو في الغارات التي تستهدف مواقع في محيط إدلب وشمال البلاد، دون أن يصدر عنها أي موقف رسمي أو رد فعل ميداني.
هذا الصمت المريب، كما يصفه مراقبون، يعكس تواطؤاً ضمنياً أو حرصاً على تجنّب أي مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل عدوانه وسط انشغال الفصائل المتواجدة في الشمال بصراعاتها الداخلية.
وفي ظل هذا الغياب الكامل لأي موقف وطني أو تحرك سياسي من حكومة الجولاني، تبقى الاعتداءات الإسرائيلية تمرّ دون ردٍّ أو إدانةٍ حقيقية، ما يثير تساؤلات واسعة حول طبيعة الارتباطات الخفية التي تحكم مواقف هذه الحكومة وصمتها الممنهج حيال انتهاك السيادة السورية.
