لا ندري أية مشاعر يجب أن تنتابنا ونحن نحتفلُ ونفرح بذكرى يوم الاستقلال وتحرير أرضنا اليمنية من دنس المحتلّ البريطاني بعد أكثر من 120 عامًا من الاحتلال التي ارتكبت فيه جرائم بحق الأرض والإنسان اليمني، وتمت انتهاكات لكرامة اليمني وعلى أرضه.
ولكن للأسف لم يكن هناك من يوثق ويجمع كُـلّ ما كانت ترتكبه القوات البريطانية بحق الشعب اليمني من مظالم وجرائم، جعلت من هذا الشعب الأبي رجالًا ونساءً يثور ويصرخ ويبدأ بالتحَرّك الثوري والتعبئة العامة ضد المحتلّ ونشر البروشورات والخروج في مسيرات ومظاهرات واحتجاجات مثلما يحصل اليوم في جنوب اليمن بعد ثمانية وخمسين عامًا من خروج آخر جندي محتلّ من هناك.
حيث شهدت المناطق المحتلّة مؤخّرًا مظاهرات ومسيرات نسائية غاضبة من سوء وتردي الأوضاع وغلاء المعيشة وانقطاع الكهرباء ونقص الخدمات في ظل حكومة الاحتلال اليوم المسماة بـ “شرعية الفنادق”، وما يحدث اليوم من غضب شعبي عارم حدث بالأمس في جنوب اليمن.
وسأتطرق بشكل مختصر عن دور المرأة اليمنية في صناعة التحرير والاستقلال بعد جهود ونضالات ثورية كبيرة تُوِّجت بهذا اليوم المبارك الذي أصبح رمزًا لكل الأحرار اليمنيين شمالًا وجنوبًا، يوم الـ 30 من نوفمبر.
شاركت المرأة اليمنية في صناعة الثورة والاستقلال في جنوب اليمن، وقد سجل التاريخ أسماء نساء سقطن شهيدات برصاص البريطاني مثل خديجة الحوشبية ولطيفة علي شوذري، ونساء تم اعتقالهن والحكم عليهن بالإعدام مثل نجوى مكاوي وفوزية محمد جعفر؛ بسَببِ مشاركتهن في النشاط الثوري التعبوي، وكذلك زهرة هبة الله وأنيسة الصائغ وعائدة اليافعي تم الحكم عليهن بالسجن في المعتقلات البريطانية وتعرضن للضرب والاعتقالات التعسفية؛ بسَببِ الاعتصامات والمنشورات والتنظيمات الثورية التي جسدت كفاح هذا الشعب الحر بفطرته.
نلاحظ الدور البطولي الذي لعبته المرأة في مراحل حرب التحرير وتحقيق الاستقلال في جنوب اليمن خلال حقبة الصراع المسلح، فكانت المرأة تساعد الثوار والمقاتلين في تنقلاتهم إلى القرى والجبال العالية، وتزودهم بكل ما يحتاجونه من طعام ومياه في منازلهم، وتقدم لهم الإسعافات الأولية.
كما لعبت دورًا مهمًا في الالتحاق بالتعليم، منذ ما قبل الثورة، ويتميز دورها بطابع تنظيمي، ولهذا لا غرابة اليوم بأن نرى الرئيس مهدي المشاط في خطاب ذكرى الاستقلال يؤكّـد أن اليمن برجاله ونسائه بـأحراره وأبطاله سيبقى سدًا منيعًا بوجه كُـلّ معتد، كما أنه سيحمي تضحيات الشهداء ويصون إرث 14 أُكتوبر و30 نوفمبر.
فرغم كُـلّ الجراح والآلام التي يعاني منها جنوب اليوم في ظل الاحتلال الجديد، ولكن تبقى الآمال متجددة بأن أحفاد من انتفضوا على الوصاية البريطانية ورفضوا الذل لا بد أنهم ورثوا لأحفادهم من تلك الجينات الثائرة الحرة التي لن تسمح باستمرار هذا الوضع السيئ والمتدهور، خَاصَّة عندما يرى المواطن بأم عينيه بأن ثرواته النفطية تذهب إيراداتها لـيد السعوديّ ليتحكم بها ويسرقها إلى البنك الأهلي السعوديّ، ثم يأتي ما يسمى مركز سلمان للإغاثة لتوزيع الصدقات والفتات لأبناء هذا الشعب العزيز الذي أفقروه عمدًا، وقسّموه مناطقيًّا وحاولوا زراعة البغضاء والأحقاد والفتن بين أبناء اليمن الواحد الذي تربطهم روابط الدم والنسب والدين والأُخوَّة.
وبيان السيد عبدالملك الحوثي الذي صدر في هذه المناسبة يُذَكِّر الشعب اليمني بأن ما يحدث في هذه المرحلة من عدوان صهيوني بشراكة أمريكية وبريطانية ودعم غربي هو امتداد للنهج الاستعماري الإجرامي الغربي المستعبد للشعوب.
وفي طيات بيان السيد القائد وفي محتوى خطاب الرئيس مهدي المشاط ما يجعلنا نؤمن ونوقن بأن الاستقلال بكل معانيه اليوم سيتجدد من جديد وتعود أرضنا اليمنية كلها حرة، وسيخرج المحتلّون أذلة صاغرين لأن بوابة النضال المشروع؛ مِن أجلِ الاستقلال انسجمت مع بوابة الجهاد في سبيل الله طلبًا للعزة التي أرادها الله للمؤمنين، وبأن ثمة فرجًا قريبًا وأملًا جديدًا بأن اليمانيين سيثبتون للتاريخ مجدّدًا بأن أرض اليمن وبحارها وأجواءها لا تقبل الغزاة ولا المرتزِقة بل وستلفظهم.
