المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    انسحاب إيرانية من بطولة عالمية للتايكواندو رفضاً لمواجهة لاعبة صهيونية

    في مشهد رياضي–سياسي متكرر يعكس رفضًا قاطعًا لأي شكل...

    طبول الحرب تُقرع من جديد.. مناورة “سعودية-أمريكية” و”استعدادات يمنية” تُعيد شبح المواجهة الكبرى إلى غرب آسيا

    تتصاعد نذر الحرب في سماء غرب آسيا مع مؤشراتٍ متسارعة توحي بأنّ الهدنة الهشة بين صنعاء والرياض توشك على الانهيار، في ظل تحركاتٍ عسكريةٍ أمريكيةٍ وسعوديةٍ تعيد إلى الأذهان مشاهد ما قبل عاصفة 2015. فاليوم، تُقرع طبول المعركة من جديد، وتتهيأ الجبهات على وقع المناورات والتهديدات المتبادلة، بينما تحبس المنطقة أنفاسها بانتظار شرارة الانفجار القادم.

    مصادر عسكرية ودبلوماسية كشفت أنّ الولايات المتحدة والمملكة السعودية أجرتا مناورات ضخمة تحت اسم “كوينسي-1” في قاعدة فورت إيروين، شاركت فيها وحدات برية ومدرعة سعودية بكامل تجهيزاتها، في تدريب يحاكي “استئناف القتال ضد اليمن”. هذه المناورة، وفق مراقبين، ليست سوى بروفة لحرب جديدة تُدار من خلف الستار الأمريكي، تعكس حجم القلق السعودي من قدرات اليمنيين المتعاظمة بعد سنوات من التطور العسكري النوعي.

    وإذا كانت الرياض تسعى لاستعادة هيبتها المفقودة بعد ثماني سنوات من الإخفاق الميداني، فإنّ صنعاء اليوم تملك ما يجعل أي مغامرة جديدة أشدّ فتكاً وأوسع ناراً؛ فالقوة اليمنية تحوّلت من مجرد “حركة مقاومة” إلى جيش وطني ذي تسليح استراتيجي قادر على ضرب عمق المملكة من البحر إلى النجد. لقد أصبحت منشآت أرامكو، وقواعد جازان، ومشاريع نيوم، وحتى محطات التحلية في جدة وينبع ضمن دائرة النار، تماماً كما أثبتت صواريخ “طوفان” و”قاصم” ومسيرات “صقر” دقتها في حروب السنوات الماضية.

    المناورة السعودية – الأمريكية لم تمر مرور الكرام في صنعاء. فقيادة أنصار الله وصفتها بأنها تحرك عدواني واستفزاز مباشر، محذرة الرياض من اللعب بالنار وتكرار خطايا الماضي. السيد عبد الملك الحوثي نفسه شدد على أن السعودية باتت شريكاً للعدو الصهيوني في البحر الأحمر، وأنّ أي محاولة للالتفاف على الهدنة أو استمرار الحصار الاقتصادي ستقابل بردّ قاسٍ يجعل الرياض تشتعل من الداخل قبل حدودها.

    ولم يكن هذا التحذير خطاباً إعلامياً، بل إنذاراً استراتيجياً موجهاً إلى كل من واشنطن والرياض، بأن اليمن اليوم ليس كما كان بالأمس؛ فالقوة الصاروخية والدفاعية تطورت أضعافاً، والجاهزية القتالية بلغت ذروتها، والقرار السياسي والعسكري في صنعاء واحد لا يعرف التردد ولا المساومة.

    إنّ التورط في أي عدوان جديد على اليمن سيجرّ على السعودية خسائر لا تُحتمل، فاقتصادها الواهن ومشاريعها المليارية لن تصمد أمام وابل من الصواريخ الدقيقة، وحرب البحر الأحمر ستُقفل طرق الطاقة والتجارة العالمية، لتتحول مغامرة ابن سلمان إلى محرقة سياسية وعسكرية تبتلع طموحاته ومشاريعه في لحظة واحدة.

    في خلاصة المشهد، يبدو أن الغرب يجرّ الرياض نحو فخّ الحرب مجدداً، مستخدماً فزّاعة البحر الأحمر ذريعة، بينما يدرك الجميع أن أنصار الله اليوم يملكون أوراق الردع والحسم. فليُدرك صانع القرار السعودي أن من يشعل النار عند حدود اليمن، ستحرقه ألسنتها أولاً، وأن الميدان هذه المرة لن يعرف رحمة ولا وساطة… لأنّ زمن الهدوء انتهى، وطبول الحرب لم تعد تُقرع تحذيراً، بل إعلاناً لمرحلة جديدة من توازن الردع الناري في المنطقة.

    spot_imgspot_img