المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    المخطّط الصهيوني في الجنوب وحتمية تطهير كُـلّ شبر

    تتصاعدُ وتيرةُ الصراع الداخليِّ في الساحة اليمنية المحتلّة، حَيثُ...

    حقيقة “الصراع”!؟

    بكل ما أوتي من مكرٍ وخُبث وتوحش ودمويةٍ، وبكل...

    نماذج تصنع أجيالًا

    من يتأمل مسيرة الرسالات الإلهية يدرك أن المرأة كانت...

    مخططات ترامب.. وسياسة فرض السلام من خلال القوة وخططه المفخخة

    منذ اللحظة التي اندلعت فيها الحرب على قطاع غزّة،...

    جيروزالم بوست: هجوم الحوثيين على “مطار رامون” اختراق نوعي هزّ المنظومة الأمنية وفضح هشاشة الدفاعات الصهيونية

    في واحدة من أكثر العمليات دقةً وإرباكاً للمؤسسة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات، كشفت صحيفة “جيروزالم بوست” عن تفاصيل صادمة تتعلق بالهجوم الذي نفذته طائرة مسيّرة تابعة للقوات اليمنية على مطار رامون قرب إيلات في السابع من سبتمبر/أيلول 2025، مؤكدةً أن الضربة أصابت قلب النظام الأمني الإسرائيلي بالشلل، وفضحت ثغراتٍ خطيرة تجاهلتها تل أبيب رغم تحذيرات داخلية سابقة.

    ووفقاً لتقرير الصحيفة، استخدمت الطائرة الحوثية أسلوب تحويلٍ معقّد مكّنها من الالتفاف على منظومات الاعتراض الصهيونية والوصول إلى صالة الركاب، مسببةً إصابة خمسة أشخاص بشظايا.
    التحقيقات الإسرائيلية الأولية وصفت العملية بأنها “تطور خطير ومحرج”، فيما اعتبر مسؤولون أن ما جرى يمثل ضربة نوعية ضد الجبهة الداخلية، ويؤكد أن الحوثيين أصبحوا فاعلاً إقليمياً قادراً على الوصول إلى العمق الإسرائيلي عبر مساراتٍ متعددة يصعب كشفها.

    ونقلت الصحيفة عن مراقب الدولة ماتانياهو إنجلمان اتهامه جهات حكومية كبرى — بينها سلطة المطارات ووزارة الصحة والشرطة والجيش — بالتقاعس عن معالجة الثغرات الأمنية رغم تقارير رسمية حذّرت من ضعف المنظومات التقنية والقيادة الموحدة.
    وأكد إنجلمان أن تقريره الرقابي تم تأجيل نشره بفعل ضغوط من الجيش والكنيست، وأن تعطيله ربما سمح للهجوم الحوثي بالنجاح. ويشير التقرير إلى غياب جهة قيادية واحدة تتولى إدارة الأزمات داخل المطار، ما تسبب في تضارب القرارات وشلل الاستجابة عند وقوع الحادث.

    من جانب آخر، كشف التقرير أن مطار رامون يفتقر إلى البنية الصحية الأساسية، إذ تجاهلت الجهات المعنية منذ عام 2017 توصيات بتوفير سيارات إسعاف وخدمات طبية ثابتة. بل إن وزارة الصحة نفسها تنصّلت من مسؤوليتها عام 2019، وأبلغت مجلس الأمن القومي بعدم قدرتها على ضمان الجاهزية الطبية، دون أن تتلقى أي ردّ من حكومة الاحتلال أو الجيش.

    ورغم ذلك، أعلنت سلطة المطارات في مارس الماضي أن المطار “مستوفٍ للمعايير”، وهو ما وصفه المراقب بـ“إخفاءٍ متعمّدٍ للحقائق”.

    وأكدت “جيروزالم بوست” أن الهجوم الحوثي استغل لحظة تراجع الاستعداد الدفاعي الإسرائيلي بعد المواجهة مع إيران في يونيو 2025، حين تم تحويل بطاريات دفاعية من الجنوب إلى الجبهة الشمالية.
    فقد أسقط سلاح الجو ثلاث مسيرات في النهار، لكن الضربة التي أصابت المطار وقعت بعد دقائق من رفع الإنذار الجوي رسمياً، ما جعل الدفاعات في حالة “استرخاء أمني”، وهو ما سمح للطائرة الحوثية باختراق الأجواء وضرب هدفها بدقة.

    وتشير الصحيفة إلى أن مطار رامون، الذي أنشأته تل أبيب كـ“خطة بديلة” لمطار بن غوريون وقت الحرب، تحول إلى عبء اقتصادي وأمني؛ إذ يتكبد خسائر سنوية تفوق 274 مليون شيكل، فيما بلغت كلفة بنائه وتشغيله أكثر من 3.4 مليار شيكل، دون أن يحقق جاهزية تشغيلية حقيقية في حالات الطوارئ.

    ويصف محللون في الصحيفة العملية بأنها “نجاح عملياتي واستخباراتي غير مسبوق للحوثيين”، إذ أثبتت قدرتهم على ضرب منشأة حيوية في عمق فلسطين المحتلة، في حين فشلت كل طبقات الدفاع الصاروخي الإسرائيلية — من “القبة الحديدية” إلى “مقلاع داوود” — في التصدي للطائرة المنخفضة.
    ويُنظر إلى الهجوم باعتباره نقطة تحول في معادلات الردع، إذ اضطر الجيش الإسرائيلي بعد الحادث إلى إعادة تقييم تموضع منظوماته الدفاعية في الجنوب وتغيير خطة حماية المرافق الحيوية.

    وأثار الهجوم جدلاً واسعاً في أروقة الكنيست، حيث طالب نواب بمعاقبة قادة الأجهزة المقصّرة، بينما اعتبر خبراء أن الحادث “كشف الوهم الأمني الإسرائيلي” الذي طالما سوّقته تل أبيب للعالم.
    ويرى محللون أن أنصار الله رسموا بخط واحد حدود التأثير اليمني الجديد، وأن ما حدث في رامون ليس استثناءً بل بداية لمرحلة جديدة، عنوانها أن الأمن الإسرائيلي لم يعد محصّناً أمام محور المقاومة الممتد من صنعاء إلى غزة وبيروت وطهران.

    والسؤال الذي يطارد المؤسسة العسكرية في تل أبيب اليوم: هل كانت ضربة رامون مجرد حادثٍ منفردٍ… أم مقدمةً لسلسلة هجماتٍ تُسقط أسطورة التفوق الأمني الإسرائيلي وتكشف هشاشة الجدار الداخلي للكيان؟

    spot_imgspot_img