في تطورٍ غير مسبوق، كشفت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية في تحقيق خاص أن العمليات العسكرية الأمريكية ضد اليمن في البحر الأحمر كانت السبب الرئيس وراء سلسلة من الحوادث البحرية الخطيرة والمكلفة التي منيت بها القوات البحرية الأمريكية خلال العام الجاري، ووصفتها بأنها “الأطول والأشد منذ الحرب العالمية الثانية”.
ووفق التحقيقات الرسمية التي حصلت الوكالة على تفاصيلها، فإن الضغوط الهائلة التي واجهتها القوات الأمريكية خلال المواجهات مع القوات المسلحة اليمنية أدت إلى إرهاق الطواقم، وتراجع الجاهزية، ووقوع أخطاء فادحة في صفوف طواقم حاملة الطائرات “هاري إس. ترومان” ومجموعة السفن المرافقة لها.
وأكدت التقارير أن البحرية الأمريكية خاضت أطول وأعنف مواجهة بحرية في تاريخها الحديث، وأن الهجمات الصاروخية اليمنية المستمرة والتأهب الدائم في البحر الأحمر أحدثا إنهاكاً نفسياً وجسدياً هائلاً بين أفراد الطواقم، وصل إلى حدّ “الخدر الجماعي وفقدان الإحساس بالمهمة”، على حد وصف أحد الضباط الواردة شهادتهم في التقرير.
وأشارت الوكالة إلى أن طرّادة الصواريخ “يو إس إس غيتيسبيرغ” أطلقت النار بالخطأ على مقاتلتين تابعتين لحاملة “ترومان” بعد أن ظنت طاقمها أنهما صواريخ يمنية قادمة، ما أدى إلى إسقاط إحدى المقاتلتين وتدميرها بالكامل، في حادثة وُصفت بأنها “كارثة كان يمكن تفاديها في ثوانٍ لولا حالة التوتر والضغط”.
كما كشف التحقيق عن تصادم حاملة الطائرات “ترومان” بسفينة تجارية قرب قناة السويس، ما كاد أن يؤدي إلى مجزرة في صفوف البحارة، حيث أكدت التحقيقات أن “لو وقع الاصطدام على بعد 100 قدم فقط للأمام، لاخترق عنبر نوم يضم أكثر من 120 بحاراً نائمين”.
وإلى جانب هذه الكارثة، فقدت البحرية الأمريكية مقاتلتين إضافيتين باهظتي الثمن خلال المناورات والعمليات الدفاعية في البحر الأحمر، نتيجة “الإجهاد الشديد وتراجع الصيانة والإنهاك النفسي بين الطواقم”، بحسب الوكالة.
وذكرت “أسوشيتد برس” أن الأربعة الحوادث الكبرى القابلة للتجنب كلفت البحرية الأمريكية أكثر من 100 مليون دولار في أقل من عام واحد، مشيرة إلى أن القيادة البحرية حجبت تفاصيل محاسبة المسؤولين واكتفت بإعلان إقالة قائد حاملة الطائرات “ترومان”.
ونقلت الوكالة عن الخبير العسكري الأمريكي برادلي مارتن قوله: “البحرية طلبت أكثر مما تستطيع تحمله… واكتشفت الثمن في البحر الأحمر.”
كما صرح الأدميرال جيمس كيلبي لـ”أسوشيتد برس” بأن إجراءات محاسبة قد اتُّخذت بحق الضالعين في سلسلة الحوادث خلال مهمة البحر الأحمر، دون أن يقدّم تفاصيل إضافية حول طبيعة تلك الإجراءات أو نطاقها.
وأشار التقرير إلى أن هذه النتائج تؤكد تراجع التفوق الأمريكي البحري أمام القدرات اليمنية المتصاعدة، وأن البحر الأحمر تحول إلى مختبر حقيقي لكشف هشاشة المنظومة الأمريكية، في مواجهة قوة إقليمية غير تقليدية استطاعت أن تفرض معادلات ردع جديدة بأدوات محلية الصنع.
