ذات صلة

الأكثر مشاهدة

هجوم الظل الإسرائيلي.. اختراقٌ عالمي يهز أنظمة “غوغل” و“آبل” في 150 دولة

في تطورٍ أمني خطير يحمل أبعادًا استخباراتية عالمية، كشفت...

حزب “الإصلاح”.. بين صحراء الضياع و صنعاء الأمل

تشهد الساحةُ اليمنية تحولاتٍ سياسيةً تستدعي إعادةَ التفكير في...

البعض يقولون: لماذا لا تتدخّل صنعاء..؟

صنعاء، بصراحة، لن تتدخل الآن في الجنوب.. تدخُّل صنعاء...

صنعاء.. ملاذ اليمنيين في زمن المؤامرة

من قلبٍ يتألَّم، ومن وجعٍ يعتصر كُـلّ غيور على...

ورد الآن.. تصعيد جديد بإعلان تمرد كبير برفض القرار السعودي ومنع لجنة خاصة من دخول حضرموت والأخيرة تدفع بتعزيزات ضخمة مع تحليق مكثف للطيران الحربي

أعلنت ميليشيا الإنتقالي الجنوبي رفض القرار السعودي بتسليم حضرموت لقوات ميليشيا “درع الوطن”، كما قامت باغلاق مطار سيئون ومنع لجنة سعودية من الدخول للمحافظة، في الوقت نفسه دفعت السعودية بتعزيزات عسكرية ضخمة لهضبة حضرموت برئاسة هاشم الأحمر مع تحليق مكثف للطيران الحربي.

وفي التفاصيل، أقدمت قوات ميليشيا الانتقالي المدعومة إماراتياً على إغلاق مطار سيئون الدولي، مانعةً وفداً سعودياً رفيعاً برئاسة اللواء محمد القحطاني ومحافظ حضرموت سالم الخنبشي من الوصول إلى المدينة، في خطوةٍ فسّرها مراقبون بأنها إعلان تمرد صريح ضد النفوذ السعودي و”إهانة ميدانية” لرمزية الحليف الأبرز في التحالف.

ووفق مصادر ميدانية، لم يقتصر التصعيد على إغلاق المطار، بل اعترضت قوات الانتقالي موكب الوفد السعودي البري عند نقطة العليب في مديرية الريدة، وأجبرته على العودة إلى المكلا دون استكمال مهامه الرسمية.

جاء ذلك عقب انتهاء المهلة التي منحتها الرياض للانتقالي لسحب فصائله من وادي حضرموت وتسليم المواقع لقوات “درع الوطن” المدعومة سعودياً، وهو ما رفضه الانتقالي علناً، معلناً “تمسكه بالمواقع الاستراتيجية” ورافضاً أي انسحاب “مهما كانت الضغوط”. وتؤكد هذه التطورات أن الصراع بين جناحي التحالف بلغ مستوى كسر الإرادات، وأن حضرموت باتت بؤرة اختبارٍ لإرادة النفوذ بين العاصمتين الخليجيتين.

في ردٍ سريعٍ وذي طابعٍ عسكري حاسم، دفعت السعودية بتعزيزاتٍ ضخمة إلى هضبة حضرموت النفطية شرقي البلاد، تضم مئات الآليات العسكرية والدبابات، وسط تحليقٍ مكثفٍ للطيران الحربي في أجواء الوادي والصحراء.

كما كشفت مصادر عسكرية عن وصول القائد هاشم الأحمر إلى منطقة العبر على رأس قوة كبيرة قادمة من الأراضي السعودية، في ما بدا أنه تحضير لعمليةٍ عسكرية وشيكة تهدف إلى إعادة السيطرة على المناطق التي انتزعها الانتقالي. وفي المقابل، استدعت الإمارات مزيداً من فصائلها من العمالقة والنخبة الشبوانية إلى محيط سيئون، في تحشيدٍ متبادلٍ يُعيد الجنوب إلى أجواء الحرب الباردة التي تسبق الانفجار.

وفي الوقت الذي تحتدم فيه المواجهة على الأرض، كشفت مصادر سياسية وإعلامية عن تحركاتٍ خفية بين الرياض وأبوظبي لشرعنة التمدد الإماراتي في الشرق اليمني. فقد كشف الصحفي سيف الحاضري، السكرتير الإعلامي لنائب رئيس الشرعية السابق، الفريق علي محسن الأحمر، عن ترتيباتٍ سعودية إماراتية تجري خلف الكواليس لتقنين سيطرة الانتقالي على حضرموت والمهرة.

وقال الحاضري في منشورٍ على منصة “إكس”: “ثمة مشاورات تُجرى حالياً بين السفير السعودي والسفير الإماراتي لشرعنة ما قام به الانتقالي من سيطرة على حضرموت ومعسكراتها”، مضيفاً أن “المشهد يرسم ملامح مرحلة جديدة يجري إعدادها خلف الأبواب المغلقة”.

وحذر الحاضري مما وصفه بـ التحركات المريبة في تصريحات طارق عفاش، قائد الفصائل المدعومة إماراتياً في الساحل الغربي، معتبراً أن حديثه عن “توحيد العمليات العسكرية من الساحل إلى حضرموت لمواجهة طرفٍ معين” يشير إلى خطة أوسع من مجرد إعادة تموضعٍ ميداني، بل إلى مشروعٍ استراتيجي يهدف لتقويض توازن القوى لصالح محور أبوظبي. وختم بالقول: “ضعوا تحت هذا العنوان خطاً أحمر، لأن ما وراءه أكبر بكثير من مجرد شعارٍ عسكري”.

على الصعيد الشعبي، تلقى المجلس الانتقالي ضربةً موجعة بفشله في حشد تأييدٍ جماهيري لانفصاله المعلن، إذ خلت ميادين عدن وبقية المحافظات الجنوبية من أي زخمٍ جماهيري حقيقي رغم دعوات قياداته لاعتصاماتٍ مفتوحة. اقتصرت المشاركة على عشرات الأشخاص في خور مكسر، ما عكس تراجع الحاضنة الاجتماعية للمجلس وتآكل شعبيته حتى في معاقله التقليدية كالضالع ولحج. ويرى محللون أن هذا الفشل وجّه ضربةً معنوية للإمارات التي كانت تراهن على الانتقالي كأداةٍ شعبية لتثبيت مشروع الانفصال.

سياسياً، أعادت الرياض رئيس مجلس القيادة التابعة لحكومة المرتزقة “رشاد العليمي” إلى واجهة المشهد بعد غيابٍ ملحوظ، إذ عقد اجتماعاً في الرياض مع اللجنة الخماسية بغيابٍ واضحٍ للإمارات، وهدد خلاله بـ ملاحقة أبوظبي ورئيس فصائلها عيدروس الزبيدي أمام المحاكم الدولية.

وأكد العليمي أن حكومته توثق “جرائم ممنهجة للفصائل الإماراتية في حضرموت وعدن”، ملمّحاً إلى إمكانية نقل العاصمة المؤقتة لشرعية الغنادف من عدن إلى مدينة أخرى أكثر استقراراً. تصريحات العليمي جاءت كرسالةٍ سياسية بأن “شرعية الفنادق” ستُستخدم مجدداً كغطاءٍ سعوديٍ لمواجهة النفوذ الإماراتي دون انخراطٍ مباشر في الصدام.

في المقابل، تتحرك أبوظبي بخطى سياسية وعسكرية متوازية لتثبيت الانفصال كأمرٍ واقع. فقد عقد الزبيدي ونائبه أبو زرعة المحرمي اجتماعاتٍ مكثفة في عدن مع شخصياتٍ عسكرية وسياسية، من بينهم وزير الدفاع محسن الداعري ومستشار العليمي محمود الصبيحي، في مساعٍ لتشكيل “حكومة جنوبية مصغّرة” تدير المحافظات الواقعة تحت السيطرة الإماراتية. الهدف من هذه الخطوة، بحسب مصادر مطلعة، تأمين غطاءٍ مؤسسيٍ للانفصال وترسيخ واقع الدولة الموازية في الجنوب.

أما الموقف الإماراتي الرسمي، فقد تجلّى في تصريحاتٍ صريحة لمستشار رئيس الإمارات الأكاديمي عبد الخالق عبد الله الذي قال: “جنوب اليمن بات تحت السيطرة الكاملة للفصائل الموالية لأبوظبي، ولم يعد أمام دول الخليج سوى الاعتراف بالأمر الواقع وتطبيع الانفصال كدولة وشرعية”.

هذا التصريح مثّل إعلاناً غير مباشر بانتهاء مرحلة التحالف السعودي الإماراتي التقليدي، واعترافاً ضمنياً بأن الحرب على اليمن قد دخلت مرحلة “إعادة توزيع النفوذ بالقوة”.

وبعد أحد عشر عاماً من إعلانها الحرب على اليمن، تجد السعودية نفسها خارج اللعبة تماماً، وقد جُرِّدَت من آخر مراكز نفوذها وبعدها الأمني والقومي شرقي البلاد.

spot_imgspot_img