ذات صلة

الأكثر مشاهدة

مسرحية الاحتلال لتمزيق اليمن

إن ما تقوم به دول العدوان والإحتلال الصهيو -...

تحليل “أنس القاضي” لـ“معركة النفوذ” بين الرياض وأبوظبي في حضرموت والمهرة

تشهد المحافظتان الشرقيتان حضرموت والمهرة تحوّلات ميدانية عميقة تعيد...

مستجدات غزة: انهيار جيش الاحتلال الإسرائيلي من الداخل وسط عمليات نسف بالقطاع وتحذيرات أممية من كارثة إنسانية مع اقتراب الشتاء

في اليوم التاسع والخمسين من بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تبدو الهدنة أكثر هشاشة من أي وقت مضى، مع استمرار جيش الاحتلال الإسرائيلي في خرق الاتفاق في مناطق عدة، بالتوازي مع تصاعد الصراع الداخلي في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وتفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع المحاصر.

تؤكد وزارة دفاع الاحتلال الإسرائيلي أن الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي خلّفت أكثر من 22 ألف مصاب في صفوف ضباط وجنود الجيش، 58% منهم يعانون اضطراب ما بعد الصدمة، في مؤشر خطير على الانهيار النفسي والمعنوي داخل وحدات الاحتلال.

وتتزامن هذه الأرقام مع أزمة عميقة بين وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير، حيث ذكرت القناة الـ13 العبرية أن الخلافات بين الرجلين “تُفكّك الجيش من الداخل”، بعد أن جمّد كاتس تعيينات عسكرية عليا رداً على قرارات إقالة أصدرها زامير دون التشاور معه، في أعقاب فشل المؤسسة الأمنية في منع هجوم المقاومة في السابع من أكتوبر. وردّ زامير ببيان ناري اتهم فيه الوزير بـ”الإضرار بالأمن القومي”، في مشهد يعكس انقسام القيادة العسكرية والسياسية في كيان الاحتلال.

في المقابل، تواصل قوات الاحتلال عمليات القصف والنسف في غزة، رغم استمرار وقف إطلاق النار المعلن منذ 10 أكتوبر. فقد شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات مكثفة خلف “الخط الأصفر” في رفح وخان يونس، ونسف عدداً من المباني السكنية، فيما أفادت مصادر ميدانية بأن قذائف المدفعية الإسرائيلية لا تزال تستهدف المناطق الشرقية من القطاع.

هذه الخروقات دفعت العائلات التي عادت إلى منازلها المهدمة إلى النزوح مجدداً، وسط حالة من الذعر وعدم الاستقرار، فيما تواصل المقاومة مراقبة خروقات الاحتلال دون الرد المباشر التزاماً باتفاق الهدنة المؤقتة.

في سياق موازٍ، أعلنت سرايا القدس وكتائب القسام مساء اليوم تسليم جثة أحد الأسرى الإسرائيليين الذين تم العثور عليهم في شمال القطاع، في إطار صفقة “طوفان الأقصى” لتبادل الأسرى. وأوضح البيان المشترك أن التسليم تم عند الساعة الخامسة مساء بتوقيت غزة بالتنسيق مع الصليب الأحمر، في خطوة رمزية تؤكد تمسك المقاومة بمبادئ التبادل الإنساني رغم العدوان المستمر.

إنسانياً، يتفاقم الوضع في غزة بصورة مأساوية مع اقتراب فصل الشتاء. فقد حذر صندوق الأمم المتحدة للسكان من كارثة وشيكة تهدد 1.7 مليون نازح يعيشون في خيام بلا تدفئة أو ماء أو غذاء كافٍ، وسط انهيار شبه كامل للنظام الصحي.

وأشار التقرير إلى أن في القطاع نحو 50 ألف امرأة حامل محرومات من خدمات الولادة الآمنة، فيما أكدت أونروا إصابة أكثر من 508 أطفال بسوء تغذية حاد نتيجة الحصار ومنع إدخال المساعدات. كما شددت القاهرة على أنها لن تسمح بأن يتحول معبر رفح إلى بوابة لتهجير الفلسطينيين، مؤكدة أن الحل الإنساني يجب أن يتم داخل الأراضي الفلسطينية لا خارجها.

أما وزارة الصحة في غزة فأعلنت أن عدد الشهداء منذ بدء العدوان الإسرائيلي ارتفع إلى 70,360 شهيداً، والجرحى إلى 171,047، مشيرة إلى أن وقف إطلاق النار لم يوقف آلة القتل تماماً، إذ سُجل خلاله 373 شهيداً و970 إصابة جديدة، إضافة إلى انتشال 624 جثة من تحت الركام.

وفي تطور ميداني آخر، أفادت مصادر فلسطينية بأن ثمانية من عناصر المليشيات المسلحة المدعومة من الاحتلال سلّموا أنفسهم طوعاً للأجهزة الأمنية في غزة بعد مقتل قائدهم ياسر أبو شباب شرق رفح. وجاءت هذه الخطوة عقب إعلان وزارة الداخلية في غزة فتح باب التوبة لمدة عشرة أيام لكل من تورّط في التعاون مع الاحتلال أو انخرط في تلك العصابات.

وأكدت المقاومة الفلسطينية أن هذه المجموعات “لم تكن سوى أدوات إسرائيلية فاشلة لمحاولة ضرب وحدة الجبهة الداخلية”، مشيرة إلى أن القبائل والعشائر الفلسطينية لعبت دوراً محورياً في رفع الغطاء الاجتماعي عن المتورطين وإعادتهم إلى صفوف المجتمع. وأوضح رئيس التجمع الوطني للعشائر الفلسطينية علاء الدين العكلوك أن العشائر “قدمت مواقف مشرفة ورفضت أن تُستغل لتمزيق النسيج الوطني”.

أما “أبو شباب”، الذي قُتل الأسبوع الماضي في ظروف غامضة، فهو من قبيلة الترابين في رفح، وكان معتقلاً سابقاً بتهم جنائية قبل أن يطلق الاحتلال سراحه ويستغله لتشكيل مليشيا محلية هدفها زعزعة الأمن الداخلي وضرب المقاومة من الداخل، قبل أن يلقى مصيره على أيدي مجهولين، في مشهد يراه الفلسطينيون تصفية طبيعية لخيانة الوطن.

spot_imgspot_img