في تطور وُصف بأنه أخطر انتكاسة للسعودية منذ تدخلها في اليمن عام 2015، كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية، في تقرير حديث، أن سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات على المحافظات الجنوبية كافة تمثل تحولًا استراتيجيًا يهدد بانقسام اليمن مجددًا إلى شطرين، ويعيد رسم خريطة النفوذ الإقليمي بين الرياض وأبوظبي.
وقالت الصحيفة إن القوات المدعومة إماراتيًا تمكنت من إحكام قبضتها على المحافظات الثماني التي شكّلت “جنوب اليمن” قبل الوحدة عام 1990، بعد تدفق أكثر من عشرة آلاف مقاتل تابع للمجلس الانتقالي إلى محافظة حضرموت الغنية بالنفط، ثم إلى محافظة المهرة على الحدود العمانية.
وأضافت أن هذه السيطرة غير المسبوقة “تمنح الانتقالي اليد العليا في تقرير مصير الجنوب”. ورأت أن التحركات الأخيرة للإمارات عبر أدواتها الانفصالية تمثل هزيمة سياسية وعسكرية للسعودية، التي كانت حتى وقت قريب اللاعب الخارجي الأبرز في الساحة اليمنية.
وأشارت إلى أن انسحاب القوات السعودية من قصر معاشيق الرئاسي ومطار عدن يعكس “تراجعًا مذهلًا لدور الرياض ونفوذها”، في وقت باتت فيه القوات الموالية لأبوظبي هي القوة الفعلية الوحيدة المسيطرة ميدانيًا.
وأضافت “الغارديان” أن أي إعلان فوري للانفصال من قِبل المجلس الانتقالي سيكون “مغامرة محفوفة بالمخاطر” سياسيًا ودبلوماسيًا، مستشهدة بتجارب فاشلة في الانفصال مثل قضية الصحراء الغربية.
ومع ذلك، توقعت أن الانتقالي قد يتجه إلى تنظيم استفتاء صوري على الاستقلال في المدى المتوسط، بترتيب وتغطية من الإمارات التي تعتبره أداتها الاستراتيجية في الجنوب.
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس رشاد العليمي، المدعوم سعوديًا، والموجود حاليًا في الرياض، دعا المجلس الانتقالي إلى “العودة إلى ثكناته” محذرًا من “الإجراءات الأحادية التي تهدد الوضع القانوني للدولة وتؤسس لواقع موازٍ”، في إشارة إلى محاولة الانتقالي فرض أمر واقع على الأرض.
وخلص التقرير إلى أن مستقبل الجنوب بات مرهونًا بقرارات أبوظبي أكثر من أي وقت مضى، وأن التحالف السعودي الإماراتي يعيش أخطر لحظاته منذ تأسيسه، مع تصاعد الانقسامات بين جناحيه في اليمن والسودان والقرن الإفريقي، وهو ما قد يدفع إلى تحولات جذرية في موازين القوى داخل الجزيرة العربية خلال المرحلة المقبلة.
