التطورات الجارية في اليمن وتحديداً في المحافظات الشرقية الغنية بالموارد، تؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن التحركات السعودية والإماراتية تأتي وبشكل ممنهج لتنفيذ مخطط تفكيكي متكامل يهدف إلى تدمير اليمن، وتقاسم ثرواته، وذلك خدمة لأجندة استراتيجية أوسع تقودها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.
اليمن اليوم باتت ساحة لتطبيق مشروع جيوسياسي يهدف إلى تحويله إلى دويلات ضعيفة تابعة، غير قادرة على التعبير عن سيادتها أو التحكم في قرارها، كما أن المتابع للتحركات المريبة والمشبوهة داخل حضرموت والمهرة يدرك أن ما يُروّج له عن خلاف سعودي إماراتي غير صحيح البته، وإنما يكشف عن تناغم كبير بينهما يضمن إحكام الحصار على اليمن وتقسيمه إلى مناطق نفوذ صغيرة، يتم فيها نهب الموارد بشكل منظم وشرعنة هذا النهب عبر أدوات محلية وخونة وعملاء باعوا أنفسهم بدراهم بخسه مثل ما يسمى المجلس الانتقالي.
لم يكن لهذا المخطط أن يتمم بهذه الجرأة دون ضوء أخضر ودعم مباشر من قوى دولية تسعى لتثبيت هيمنتها في المنطقة، على رأسها أمريكا والعدو الصهيوني، حيث وأن تفتيت اليمن وإضعاف الدولة المركزية يضمن عدم وجود قوة سيادية قادرة على التحكم أو تهديد الممرات البحرية الحيوية (باب المندب والبحر العربي)، كما أن سيطرة الاحتلال الإماراتي على الموانئ والجزر، تخدم بشكل مباشر المصالح الأمنية والاقتصادية لواشنطن وكيان العدو، ويقوم على تأمين خطوط التجارة من وإلى موانئ الأراضي المحتلة.
إن هذا التحرك الخبيث يأتي ضمن مشروع أوسع لإعادة رسم الخارطة السياسية والاقتصادية لليمن والجزيرة العربية، ويهدف إلى إضعاف محور المقاومة ومنع قيام أي دولة موحدة وقوية قد تعرقل المشاريع الإقليمية، بما في ذلك مشاريع التطبيع، وتقوم واشنطن بدور المنسق والضامن لهذه الترتيبات، حيث أن تقسيم اليمن يساهم في إحكام السيطرة على شبه الجزيرة العربية بأكملها.
النتيجة المباشرة لهذا التواطؤ السعودي الإماراتي مع الأجندة الخارجية هي إطالة أمد الصراع، وتعميق الأزمة الإنسانية، وتحويل اليمن إلى أرض مفتوحة للاستنزاف يتم من خلالها نهب النفط والغاز والموارد الأخرى بعيداً عن أي رقابة أو ميزانية وطنية، مما يحرم الشعب اليمني من أبسط مقومات العيش.
دأب الاحتلال السعودي الإماراتي على استخدام قضية الانفصال كأداة لتغذية التوترات الداخلية في اليمن، بحيث تضمن الرياض وأبو ظبي أن تضمن هذه الخطة على أن يظل أي كيان ينشأ في اليمن تابعاً ومحكوماً بالإملاءات الخارجية، مما يقوض أي فرصة لتحقيق تسوية سلمية حقيقية تُفضي إلى إنهاء العدوان.
ويمكن القول أن ما يحدث في اليمن هو خيانة عظمى للعروبة والإقليم، يتحمل فيها الاحتلال السعودي والإماراتي مسؤولية كاملة عن تدمير وحدة هذا البلد، وتوفير الغطاء اللازم لتمرير مشاريع الهيمنة الأمريكية الصهيونية على أهم ممر مائي ومخزون نفطي في المنطقة، وبالتالي فإن الصمود اليمني ووعي الشعب ووحدة القوى الوطنية تبقى هي الحصن الأخير لإفشال هذا المخطط المدمر.
