في خضم الجدل المتصاعد حول المزاعم الإعلامية التي تتحدث عن ما أُشيع من “تنازلات” من صنعاء في بعض الملفات، خرجت مواقف رسمية قوية وحاسمة تقطع الطريق أمام كل التأويلات، لتؤكد مجددًا أن صنعاء ثابتة على مبدأ السيادة الوطنية الكاملة، وأن قرارها يُصاغ داخلها، لا في أي عاصمة أجنبية.
في موقف حازم يُجسد استقلال القرار الوطني اليمني، حسمت صنعاء الجدل الدائر حول التحركات الأخيرة المتعلقة بما سُمّي “معالجة الملف اليمني”، مجددة التأكيد أن أي حوار أو تسوية سياسية لن تكون إلا بين صنعاء والرياض، بعيدًا عن أي تدخلات إقليمية أو محاولات لتدويل القرار اليمني.
وفي تصريحٍ لقناة “الميادين”، قال القاضي عبدالوهاب المحبشي، عضو مجلس القضاء الأعلى، إن على السعودية أن تدرك أن علاقة اليمن بإيران ليست علاقة تبعية أو وصاية، بل علاقة أخوة إسلامية قائمة على التعاون والاحترام المتبادل، مؤكدًا أن من يحاول تصوير تلك العلاقة كذريعة للتدخل في الشأن اليمني إنما يغالط الواقع ويحاول التغطية على مسؤوليته في استمرار العدوان على اليمن.
وأوضح المحبشي أن معالجة الملف اليمني شأنٌ ثنائي بامتياز بين صنعاء والرياض، مشددًا بالقول: “حتى لو وقعت السعودية اتفاقًا عسكريًا أو تحالفًا استراتيجيًا مع إيران، فلن يحميها ذلك من حق اليمن المشروع في الدفاع عن نفسه طالما بقيت في موقع المعتدي”.
وأشار إلى أن الخلاف بين الرياض وطهران ليس سببه اليمن، بل هو امتداد لسياسة سعودية معادية للثورة الإسلامية الإيرانية، استخدمت فيها المملكة موقعها لتنفيذ أجندات أمريكية في المنطقة، وكان اليمن أحد ضحايا هذا الصراع لا طرفًا فيه.
وفي سياق متصل، كشفت تقارير إعلامية أن الرياض طلبت مؤخرًا تحريك الوساطة الإيرانية مع صنعاء في محاولة للوصول إلى تهدئة دائمة تضمن أمن حدودها، مقابل اتفاق سلام شامل، إلا أن صنعاء رفضت أي وساطة خارجية، مؤكدة أن “السلام الحقيقي يُصنع على طاولة السيادة لا في صالونات التوسط”.
وفي مواجهة الشائعات التي تروّج لمزاعم “التنازلات”، سخر رئيس وكالة سبأ للأنباء نصر الدين عامر قائلاً: “حتى لو افترضنا صحتها، فلتكن فرصة للجميع لمعرفة ما إذا كنا ننفذ أجندات أحد أم أننا نملك قرارنا ونحمي سيادتنا… صنعاء لن تتخلى عن شبر من اليمن.”
وأضاف عامر أن تلك الادعاءات ليست سوى محاولات بائسة للنيل من صلابة الموقف اليمني وثقة الشعب بقيادته الثورية والسياسية، مؤكداً أن “الثوابت الوطنية غير قابلة للمساومة، واليمن لا يبيع أرضه ولا يساوم على كرامته.”
وفي تأكيد موازٍ لقوة الموقف اليمني، قال عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد البخيتي إن صنعاء تتحرك بثقة عالية في مسارات عسكرية واستراتيجية متكاملة، مشيرًا إلى أن الصناعات الدفاعية اليمنية وصلت إلى مرحلة النضج الكامل، وأن ما يجري التحضير له “سيُغيّر قواعد اللعبة في المنطقة بأكملها”.
وقال البخيتي: “صنعاء تستثمر في المفاجآت العسكرية المرتبطة بالصناعات الحديثة والمتطورة، وتحركها لا يقتصر على جبهة واحدة، بل يشمل عدة مسارات استراتيجية بلغت ذروتها، ولم يتبقَ سوى التنفيذ.” وأضاف متحديًا: “المفاجآت القادمة ستتجاوز كل التوقعات… صنعاء تنفرد بإبهار العالم، وهذه المرة بشكل غير مسبوق“.
وبهذا الموقف الحازم، تغلق صنعاء الباب أمام أي محاولات لانتزاع القرار اليمني أو فرض وصاية عليه، لتؤكد أن من يريد السلام فعليه أن يأتي إليها مباشرة، لا أن يختبئ وراء وساطات الآخرين.
وتُظهر المؤشرات أن المرحلة القادمة ستشهد تحولات نوعية عسكرية وسياسية كبرى، فصنعاء – التي أثبتت صلابتها في وجه العدوان والحصار – تستعد اليوم لتدشين عهد جديد من الردع الاستراتيجي والسيادة الوطنية الراسخة، في مواجهة كل من يراهن على إضعافها.
