ذات صلة

الأكثر مشاهدة

“ميدل إيست آي”: الإمارات تكبدت أسوأ هزيمة عسكرية في تاريخها باليمن وتواجه مأزقاً إستراتيجياً في حضرموت

كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني، في تقرير تحليلي حديث، أن الإمارات تلقت أقسى ضربة عسكرية في تاريخها خلال سبتمبر 2015، حين قُتل 52 جندياً إماراتياً بضربة صاروخية استهدفت معسكراً في مأرب. ومنذ تلك الكارثة، باتت أبوظبي تعتمد نموذج “الحرب بالوكالة” عبر دعم جماعات محلية مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى جانب مرتزقة أجانب من أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة والسودان.

وبحسب التقرير، استخدمت الإمارات تلك القوات لتوسيع نفوذها الجيوسياسي عبر بناء قواعد عسكرية ساحلية في مناطق استراتيجية مثل المخا، وعبد الكوري، وسمحة، وسقطرى، وجزيرة ميون الواقعة في مضيق باب المندب، الذي يُعد من أهم الممرات البحرية في العالم. وتشكل هذه القواعد — وفق ميدل إيست آي — شبكة نفوذ متكاملة تمكّن الإمارات من مراقبة طرق التجارة البحرية والتحكم بمسارات الطاقة الإقليمية.

وأضاف الموقع أن المجلس الانتقالي الجنوبي وحلفاءه أثبتوا فعاليتهم في تصفية خصوم الإمارات وإقصاء القوى المناوئة لمشاريعها في اليمن، مشيراً إلى أن الصراع بين صنعاء والتحالف السعودي تراجع خلال السنوات الأخيرة إلى حالة جمود ميداني منذ عام 2022. وخلال تلك الفترة، وسّعت صنعاء نطاق عملياتها ضد الكيان الإسرائيلي في البحر الأحمر، في حين شنّت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة قصف عنيفة في مارس 2025 ضد اليمنيين، أسفرت عن مئات الضحايا المدنيين قبل أن تُوقّع هدنة في مايو من العام نفسه.

ويخلص ميدل إيست آي إلى أن تحركات المجلس الانتقالي في حضرموت لا علاقة لها بالمناطق الشمالية أو بمواجهة صنعاء، بل تمثل صراعاً داخل معسكر التحالف نفسه. ويحذّر محللون — بحسب الموقع — من أن أي محاولة من “الانتقالي” لتوسيع نطاق عملياته شمالاً ستعرّض مكاسبه السياسية والعسكرية للانهيار، وتفتح عليه جبهات متعددة قد تتحول إلى كارثة جديدة تفوق ما واجهته الإمارات عام 2015.

في المقابل، يرى أن الإمارات تعيش أعقد مرحلة من تورطها العسكري في اليمن، بعد أن تحوّل المشهد الميداني جنوب البلاد إلى ساحة تنازع بين وكلاء أبوظبي والرياض، في وقت ما تزال تداعيات أكبر خسارة عسكرية في تاريخها — التي وقعت عام 2015 في مأرب — تلقي بظلالها على قراراتها وتحركاتها الراهنة.

وأشار التقرير إلى أن اليمن، الذي أنهكته حربٌ مستمرة منذ عقد من الزمن، شهد منعطفاً خطيراً خلال ديسمبر الجاري، عندما اقتحمت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتياً محافظة حضرموت، كبرى المحافظات اليمنية من حيث المساحة، واستولت على مدينة سيئون، في خطوة وصفها محللون بأنها إعادة رسم لقواعد النفوذ داخل الجنوب اليمني.

وأوضح الموقع أن محافظة حضرموت — الممتدة من خليج عدن حتى الحدود الشمالية مع السعودية — تمثل 80% من احتياطات النفط اليمني، ما يجعل السيطرة عليها هدفاً استراتيجياً لكل من الإمارات والسعودية. وتجاور المملكة اليمن عبر حدود يبلغ طولها نحو 1300 كيلومتر، وقد قادت منذ مارس 2015 تحالفاً عسكرياً ضم تسع دول شنّ حرباً مدمرة، استخدم فيها كافة أنواع القصف الجوي والحصار البري والبحري، ما فاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.

ونقل الموقع عن الخبير العسكري أندرياس كريغ، الأستاذ المشارك في كلية كينغز كوليدج لندن، قوله إن الأولوية القصوى للرياض حالياً هي حماية حدودها والتوصل إلى تسوية سياسية مع صنعاء، مشيراً إلى أن السعودية لا ترغب في العودة إلى صراع واسع النطاق بعد عقد من التدخل المكلف وغير المجدي.

ويؤكد التقرير أن المشهد اليمني اليوم يعكس انقساماً حاداً بين شركاء الأمس، حيث تسعى السعودية لتأمين حدودها وإنهاء الحرب سياسياً، بينما تتمسك الإمارات بمشروعها العسكري والاقتصادي في الجنوب، في سباقٍ محمومٍ للسيطرة على ثروات اليمن وموانئه وممراته الاستراتيجية.

spot_imgspot_img