تعيش مدينة عدن المحتلة واحدة من أسوأ مراحلها المعيشية والإنسانية، في ظل الانهيار الاقتصادي المتسارع وارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، حتى بات المواطنون يشترون الزيت بالملليلتر، في مشهد صادم يعكس عمق الأزمة التي تضرب المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات الموالية للتحالف السعودي الإماراتي.
ووفق تقارير ميدانية وشهادات من تجار محليين، فقد أصبح من المألوف أن يدخل الزبائن إلى المتاجر حاملين عملات معدنية زهيدة القيمة لشراء كمية من الزيت لا تتجاوز 100 إلى 150 ملليلترًا، أي أقل من ربع لتر، مقابل نحو 100 ريال يمني فقط، وهي كمية لا تكفي حتى لإعداد وجبة بسيطة من الفول أو البطاطس.
وقال أحد أصحاب البقالات لوسائل إعلام محلية إن “أكثر من عشرين زبونًا” توافدوا إلى متجره خلال ساعة واحدة فقط لشراء الزيت بتلك الكميات الضئيلة، مضيفًا أن بعضهم يطلب 70 ملليلترًا فقط مقابل 50 ريالًا. وأوضح أن “علبة الزيت الواحدة تُقسَّم فعليًا على عشرات الأسر”، في مشهد مأساوي يجسد حالة الفقر المدقع والعجز عن تلبية أبسط الاحتياجات.
المشاهد المتداولة من شوارع وأسواق عدن تُظهر واقعًا مؤلمًا، حيث تقف النساء والأطفال في طوابير طويلة أمام المحلات الصغيرة، يحملون زجاجات فارغة لملئها بما تيسر من الزيت أو الوقود، وسط غياب تام لأي حلول اقتصادية أو تدخل حكومي.
ويرى مراقبون أن هذا الانهيار المعيشي يعكس حجم الفشل الإداري والانهيار المؤسسي في المحافظات الجنوبية، مؤكدين أن استمرار سياسة الإفقار والتجويع يهدد بانفجار اجتماعي وشيك في وجه القوى الموالية للتحالف، التي فشلت في توفير الخدمات الأساسية أو ضبط أسعار السلع الغذائية.
ويطالب ناشطون بضرورة تدخل عاجل لإنقاذ سكان عدن من هذا الواقع “الذي يقترب من حدود المجاعة”، ووقف الانهيار الاقتصادي المتفاقم، محذرين من أن استمرار تجاهل معاناة الناس سيؤدي إلى كارثة إنسانية واسعة لا تقل خطورة عن آثار الحرب نفسها.
