تشهد الهضبة النفطية في حضرموت الشرقية تصعيداً عسكرياً خطيراً ينذر بانفجار مواجهة مباشرة بين فصائل المرتزقة التابعة لكلٍّ من السعودية والإمارات، بعد أن شنت طائرات مجهولة الهوية غارات مركزة على معسكر تابع للمجلس الانتقالي في مديرية الخشعة، ما أسفر عن سلسلة انفجارات هزّت المنطقة وأربكت قيادات الانتقالي التي كانت تستقدم تعزيزات من الضالع ويافع، بينها فصيل “مكافحة الإرهاب” بقيادة شلال شائع.
ورغم التكتم الشديد، تشير المعطيات الميدانية إلى أن الغارات جاءت في إطار صراع نفوذ مكتوم بين الحليفين الخليجيين على الموارد النفطية ومواقع السيطرة في الشرق اليمني، فيما يذهب بعض المراقبين إلى احتمال أن تكون رسالة سعودية مباشرة رداً على الرفض الإماراتي سحب قواتها من مناطق حساسة داخل وادي حضرموت.
تزامناً مع ذلك، دفعت الرياض بتعزيزات ضخمة إلى جبهة العبر في صحراء حضرموت، شملت أكثر من 400 مدرعة ومركبة قتالية سُلّمت لفصيل “درع الوطن” الموالي لها، بإشراف القائد السعودي سلطان البقمي.
هذه التحركات جاءت بالتوازي مع تقدم قوات الانتقالي المدعومة إماراتياً نحو الحدود السعودية، في ما يبدو محاولة لفرض واقع ميداني جديد يهدد باندلاع مواجهة شاملة.وتُظهر المقاطع المتداولة قوات “مكافحة الإرهاب” وهي تنتشر في عمق الصحراء باتجاه الشريط الحدودي، ما أثار حالة استنفار قصوى في صفوف القوات السعودية.
مصادر عسكرية تؤكد أن التوتر الميداني تجاوز مرحلة التحشيد إلى ما يشبه حرب مواقع غير معلنة، وسط تبادل رسائل نارية بين قيادات الطرفين، في ظل صمت رسمي يعكس حجم الاحتقان داخل التحالف. فبينما تعتبر الرياض تلك المناطق “خطاً أحمر” لأمنها القومي، تصر أبوظبي على تثبيت نفوذها في حضرموت والمهرة وامتدادها البحري على بحر العرب.
وفي خطوة تكشف عمق الأزمة، أعلنت السعودية فتح باب التجنيد في محافظة المهرة لتعويض خسائرها المتلاحقة هناك بعد أن تمكنت فصائل الانتقالي من السيطرة على ميناء نشطون وطرد قوات “درع الوطن” التابعة لها. كما رصدت مصادر محلية عروضاً مالية ضخمة تصل إلى مليون ريال عدني شهرياً للمجند الواحد في محاولة لإعادة بناء نفوذ سعودي داخل المحافظة التي تُعد آخر منفذ استراتيجي للمملكة على بحر العرب.
بالمقابل، تواصل الإمارات الدفع بالمجلس الانتقالي نحو مواجهة أوسع في الجنوب، حيث أعلن الأخير إطلاق عملية عسكرية جديدة في محافظة أبين تحت مسمى “الحسم”، بقيادة محسن الوالي، بهدف إزاحة القوى الموالية للرياض. هذه العملية تُعد امتداداً لعمليات “سهام الشرق” السابقة، وتندرج ضمن مشروع أبوظبي لإعادة رسم الخارطة العسكرية في الجنوب بما يضمن ولاء الميدان لها بالكامل.
وتكتسب أبين موقعاً استراتيجياً بالغ الأهمية كونها البوابة الشرقية لمدينة عدن، والسيطرة عليها تعني عملياً إحكام القبضة على الممرات الساحلية وخطوط الإمداد. ومع فشل الجهود السعودية في احتواء الأزمة، تبدو المعركة المقبلة حتمية في ضوء المؤشرات المتسارعة ميدانياً.
المشهد العام يوحي بأن تحالف العدوان بات يواجه أخطر مرحلة من التصدع الداخلي منذ بدء الحرب في اليمن، إذ تحولت معارك “تحرير اليمن” إلى صراع نفوذ بين الرياض وأبوظبي، تتبادل فيه الطائرات الغامضة الضربات، وتتبدل فيه التحالفات بسرعة تفوق إيقاع المعارك نفسها.
كل المؤشرات تؤكد أن السماء فوق حضرموت ليست سوى مقدمة لانفجار أكبر قد يغيّر خريطة السيطرة في الشرق اليمني ويكشف حجم التناقض داخل تحالفٍ طالما قدّم نفسه كجبهة واحدة.
