ذات صلة

الأكثر مشاهدة

حزب الله: تدنيس المصحف الشريف جريمة أمريكية مدعومة صهيونياً تستهدف الإسلام وقيم الإنسانية

أدان حزب الله اللبناني، بأشدّ العبارات، الجريمة الآثمة التي...

الإساءة للقرآن.. ثقافة أمريكية متجذّرة

تُمثّل جريمة الإساءة إلى القرآن الكريم التي أقدم عليها...

غارات سعودية وتوغل لفصائلها بعد طرد الانتقالي من “حكومة التحالف” مع تلويح أممي بالعقوبات وسط ضغوط أمريكية لمواجهة “الحوثيين”

في تصعيد عسكري وسياسي متسارع، دخلت الأزمة اليمنية مرحلة جديدة من الاشتباك الإقليمي المعقد، بعد أن شنت المقاتلات السعودية غارات مكثفة على مناطق شرقي اليمن بالتزامن مع استبعاد ميليشيا الانتقالي الجنوبي، الموالي للإمارات، من التشكيلة الحكومية، وسط تلويح أممي بفرض عقوبات على قياداته وضغوط أمريكية مكثفة على أبوظبي لدفعها نحو مواجهة مباشرة مع قوات صنعاء.

فقد بدأت واشنطن منذ صباح الخميس حملة ضغط ممنهجة على الإمارات عبر وزير خارجيتها ماركو روبيو الذي أجرى اتصالاً بنظيره الإماراتي عبد الله بن زايد، حاثاً إياه على “ضرورة الحفاظ على الاستقرار في اليمن” عبر إعادة توجيه فصائل المرتزقة الموالية لأبوظبي نحو الشمال لمواجهة من تصفهم أمريكا بـ”الحوثيين”.

مصادر دبلوماسية أشارت إلى أن واشنطن تريد من الإمارات إخلاء مواقعها شرق اليمن وتسليمها للسعودية مقابل دعم أمريكي مباشر لأي تحرك عسكري لاحق ضد صنعاء، في محاولة لاستعادة توازن نفوذها الذي تآكل بعد فشل تحالفها في الميدان.

غير أن القرار الأمريكي يبدو أقرب إلى مقامرة خطيرة؛ إذ سيزج بفصائل مرتزقة الإمارات في معركة استنزاف مكلفة ويقضي على طموحها في إعلان “الدولة الجنوبية” التي روّجت لها لسنوات. كما أنه يأتي متزامناً مع ضغوط داخلية على أبوظبي لإنهاء تفاهماتها غير المعلنة مع تنظيم القاعدة في بعض المناطق، ما يفتح عليها جبهة أمنية جديدة قد تنفجر في أي لحظة.

وفي المقابل، صعدت السعودية خطواتها لعزل الانتقالي سياسياً وعسكرياً، حيث عقد وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان سلسلة لقاءات مغلقة مع أعضاء المجلس الرئاسي الموالين للتحالف، استثنى منها جميع ممثلي الانتقالي. اللقاءات ركزت على “ترتيب مرحلة ما بعد انقلاب الانتقالي على اتفاق الرياض” وفق مصادر دبلوماسية، وهدفت إلى بلورة اصطفاف موحد ضد الفصائل الإماراتية التي باتت تُعتبر عبئاً على التحالف.

بالتوازي، وجه رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي أوامر عاجلة لكافة الوزراء والمسؤولين بمغادرة مدينة عدن فوراً، تمهيداً لنقل العاصمة المؤقتة للتحالف إلى سيئون، في خطوة وُصفت بأنها “الإعلان العملي عن نهاية نفوذ الانتقالي داخل الحكومة”. ورافقت هذه التحركات حملة إعلامية سعودية مكثفة تستهدف تهيئة الرأي العام لإقصاء المجلس رسمياً واعتباره كياناً متمرداً على الشرعية.

في نيويورك، لوّح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتصنيف الانتقالي على لائحة العقوبات الدولية، متهماً الفصائل الإماراتية بعرقلة عملية السلام وبتنفيذ إجراءات أحادية “تهدد وحدة اليمن وتزيد تعقيد الحل السياسي”. وجاءت هذه التصريحات عقب جلسة مغلقة لمجلس الأمن خُصصت لمناقشة التطورات شرقي اليمن، ما يعكس توافقاً دولياً متزايداً على عزل الانتقالي وتحميله مسؤولية تفجر الوضع الميداني.

وفي الميدان، صعّدت السعودية عملياتها العسكرية في وادي حضرموت، حيث نفذت مقاتلاتها سلسلة غارات تحذيرية على مديرية القطن، بالتزامن مع تقدم قوات “درع الوطن” التابعة لها عبر محورين نحو مدينة سيئون، العاصمة الإدارية للوادي.

وأكدت مصادر قبلية أن الرياض نشرت مدافع بعيدة المدى من نوع “جهنم” في العبر، تمهيداً لعملية واسعة تهدف إلى انتزاع السيطرة على حقول النفط من الفصائل الإماراتية، وسط مؤشرات على اقتراب مواجهة مباشرة بين الطرفين.

وفي عدن، اشتعل الموقف الداخلي للانتقالي نفسه بعد أن اقتحمت فصائل تابعة له مبنى البنك المركزي ونصبت علم الانفصال على ساريته، في سابقة خطيرة ألغت آخر رموز الارتباط المؤسسي بين الشمال والجنوب. هذه الخطوة ترافقت مع تسريبات تحدثت عن تحديد العشرين من ديسمبر موعداً لإعلان ما يسميه المجلس “دولة الجنوب”، تحت ضغط مباشر من مستشار الأمن الإماراتي طحنون بن زايد، الذي وبّخ الزبيدي على تأخير الإعلان.

غير أن هذا التصعيد ترافق مع انقسامات حادة داخل صفوف الانتقالي، حيث توارى نائب رئيسه أبو زرعة المحرمي عن الأنظار بعد تعرض أتباعه في “الحزام الأمني” لاعتقالات متتالية من قبل فصائل الزبيدي القادمة من الضالع، ما يشير إلى تفكك داخلي متسارع يضع المجلس على حافة انفجار داخلي.

أما المشهد الإنساني والاقتصادي في مناطق سيطرة الانتقالي فيبدو أكثر انهياراً من أي وقت مضى. فقد عادت أزمة الوقود والغاز المنزلي لتشل مدينة عدن، بينما ألغت السلطات المحلية تسعيرة الخبز وسط توقعات بارتفاع جنوني للأسعار عقب سحب السعودية وديعتها الأخيرة من البنك المركزي، ما يجعل المدينة على أعتاب مجاعة اقتصادية جديدة، فيما يواصل الانتقالي تحميل خصومه المسؤولية عن فشله في إدارة المناطق التي يسيطر عليها منذ أعوام.

وبين هذه الأطراف، يظل الميدان وحده هو الحكم، حيث ترتسم ملامح جولة جديدة من الصراع الإقليمي في اليمن، عنوانها: التحالف ينقلب على نفسه، والمشهد يقترب من انفجار حتمي.

spot_imgspot_img