المشهد اليمني الأول/ هبا علي أحمد – تشرين

بات واضحاً أن جزءاً من الأزمات والحروب التي زجت بها منطقتنا تحمل في أحد وجوهها تدمير التراث الإنساني وتزوير التاريخ وطمس المعالم الحضارية التي تدل على عراقة الدول وموروثها الثقافي والتاريخي، لذلك فإن السعي إلى إخفاء الحضارة من خلال نهبها وسرقتها استراتيجية ممنهجة تقوم بها دول مارقة لا لشيء إنما لتفريغ دول معروفة بحضارتها وغناها الثقافي من مضمون تلك الحضارة، – ما يحدث في اليمن نموذج-.

ومع استمرار تحالف العدوان السعودي في عدوانه على اليمن وهو على مشارف الدخول في عامه الرابع، أخذت تطورات الأحداث تكشف عمّا هو أبعد مما ساقته دول العدوان من مزاعم وترهات، فكشف أن نهب الحضارة اليمنية كان جزءاً مهماً بالنسبة لدول العدوان، كالذي يقوم به النظام الإماراتي بنقل حضارة اليمن على متن مراكب وطائرات إلى بلاده.

سرقة ممنهجة للتاريخ والحضارة اليمنيين يقوم بها النظام الإماراتي لإنشاء حضارة مصطنعة من خلال حضارات الآخرين الموغلة في القدم، كما لفتت إلى ذلك صحيفة «المصري اليوم»، فممالك ومشيخات الخليج كيانات مصطنعة أوجدها الغرب لغايات وظيفية وجدت كحالة طارئة حيث لا جذور ولا تاريخ قديماً يتحدث عنها، ولا حضارة ضاربة في التاريخ، بل هي دويلات حديثة العهد تريد أن تنمو وتتغذى وتتحضّر على حساب حضارات سبقت وجودها بقرون، ويكفي أن نذكر أن الإمارات تأسست في القرن العشرين لندرك افتقارها لأدنى المقومات الحضارية، ولندرك الأهداف الكامنة وراء محاولاتها الحثيثة في نهب الحضارة اليمنية، فالمراد إيقاظ أجيالهم الحالية على حقائق مزيفة بعيدة كل البعد عن الواقع، وعلى المقلب الآخر تدمير اليمن كلياً وإخفاء حقيقة تمايزه في حضارته وثقافته عن محيطه الخليجي.

الحضارة اليمنية التي تعدّ من أقدم الحضارات لا تزال آثارها ماثلة حتى اليوم كمعبد شمس وسد مأرب وعرش بلقيس، بينما لاشيء يوجد في ممالك ومشيخات النفط سوى ناطحات السحاب وحياة الرفاهية التافهة التي تدل على حداثة عهدها من دون أي ارتباطات بالماضي.

ما يلفت النظر من خلال محو المعالم الحضارية اليمنية التي يقوم بها النظام الإماراتي، التشابه في الفكر الإجرامي الذي قام عليه تنظيم «داعش» الإرهابي فكان لتدمير الحضارة وتشويه التاريخ نصيب من الحرب الإرهابية الشرسة التي تشهدها منطقتنا، ولاسيما في سورية والعراق والدلائل على ذلك كثيرة لا مجال لحصرها.

مقامرات النظام الإماراتي ومن خلفه السعودي ماضية في تدمير اليمن وتجويع شعبه، إلى جانب الاقتتال للسيطرة والنفوذ، تقف في وجهها الصواريخ اليمنية التي فرضت وقائع جديدة دخلت على إثرها قوى العدوان على اليمن في حال من الإرباك، فوحدها الصواريخ قادرة على تشكيل ردع لقوى العدوان الذين يبحثون عن مخرج من المستنقع اليمني يحفظ لهم ما بقي من ماء الوجه إن كان موجوداً أصلاً.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا