المشهد اليمني الأول/

 

النقد الذي وجهه الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الى موقف زعماء الغرب الداعي الى وقف مبيعات السلاح للسعودية بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، كان ملفتا للنظر، خاصة بعد ان وصف تلك الدعوات بالديموغوجية، لعدم وجود اي صلة بين مبيعات الأسلحة ومقتل خاشقجي، حسب ماكرون.

 

ماكرون أكد انه لو كانت هناك من صلة لتلك الدعوات ، فيجب ان تكون بما يجري في اليمن، وهو ما فسره البعض بوخزة ضمير يعيشها ماكرون أخذت تؤرقه، بسبب ما الحرب الذي تشنه السعودية على اليمن منذ اربع سنوات بدعم وتشجيع وتسليح وتبرير الغرب، حيث استخدم فيها حتى الطعام كسلاح، وبابشع صوره، لتجويع الشعب اليمني ، الذي مزقت الصواريخ والقنابل، اجساد اطفاله، التي غدت اشبه بالهياكل العظمية من الجوع والمرض.

 

حكاية وخز الضمير التي يعشها ماكرون ، لا مكان لها في حياة زعماء الغرب ومن بينهم ماكرون ، فالرجل عندما رفض الربط بين بيع صفقات الاسلحة للسعودية وبين جريمة قتل خاشقجي، لم ينطلق من مبادىء اخلاقية ، بل من رؤية براغماتية عارية من اي مبادىء او اخلاق، لسبب بسيط وهو ، ان الغرب قد يكون مضطرا ، في حال الربط بين القضيتين، الى اتخاذ موقف فيه بعض الجدية من هذه الصفقات ،تحت ضغط جريمة خاشقجي، الامر الذي يعني تهديد عملية تدفق مليارات الدولارات الى الغرب.

 

اما في حال ربط صفقات الاسلحة بالحرب على اليمن ، كما يريد ماكرون ، عندها لن يجد الغرب نفسه مضطرا ، تحت ضغط مقتل الالاف من اطفال اليمن الفقراء الجائعين ، ان يحظر بيع الاسلحة للسعودية ، حتى وان تم تداول مجازر السعودية ضد اطفال اليمن ، استعراضا ، في اروقة ودهاليزالامم المتحدة والمنظمات الدولية ، لذر الرماد في عيون الراي العام العالمي.

 

كان الاجدر بماكارون وميركل وتريزا ماي ، ان يخجلوا من انفسهم ومن شعوبهم ومن الراي العام العالمي ومن التاريخ ، لاثارتهم قضية منع بيع السلاح للسعودية ، على خلفية مقتل خاشقجي ، بينما ، كانوا ومازالوا هم ، من اهم اسباب استمرار الحرب الظالمة ضد اطفال ونساء وشيوخ اليمن ، منذ اربع سنوات ، من خلال مدهم السعودية ، باحدث وافتك الاسلحة ، وحتى تلك المحرمة منها ، في عدوانها على الشعب اليمني ، والذي اسفر عن تشريد وتجويع الملايين ، ومقتل عشرت الالاف من المدنيين ، اغلبهم من الاطفال ، وفقا لتقارير المنظمات الدولية.

 

من الصعب جدا لصاحب ضمير حي ، مهما ادعى الجلد والتحمل والقوة ،ان يواصل النظر حتى لدقيقة واحدة ، الى صور الاطفال اليمنيين وهم يتضورون جوعا ، فلهذا الصور وقعا على الناظر ، تشعره بحجم الحقارة والنذالة والخسة التي وصل اليها زعماء الغرب المنافقين ، الذين يدعون كذبا ، ان ضمائرهم حية ولا تتحمل هدر دم انسان واحد قُتل غدرا ، بينما ضمائرهم تغط في نوم عميق ، ومنذ اربع سنوات ، في وسط بحر من دماء مئات الالاف من ابناء الشعب اليمني الابي.
ـــــــــــــــــــــــــ
منيب السائح