المشهد اليمني الأول/

 

يستشف المتابع من بعيد رقعة الشطرنج البيضاء والسوداء والأوقات العصيبة التي تمر على الملك والوزير والضابط والجنود والأحصنة والقلاع، ولاغرابة من قرار الملك بالتضحية بوزيره أو جنوده للحفاظ على ملكه، تماماً كما تم التضحية بالعسيري لأجل إبن الملك، وتماماً كما يتم التضحية يومياً بالجنود السودانيين والمرتزقة، ولاغرابة من إستبسال ضباط ووزراء وأحصنة لأجل جندي واحد يكون حينها قاتل حتى الرمق الأخير وسقط في معركة بلا سلاح، كما يتساقط الشهداء إلى الأعلى في معارك العزة والكرامة بالدم والنار.

 

ما أشبه ذلك برقعة الميدان اليمني اليوم، ونحن نعاصر مرحلة إتفاق أول يفتح في جدار الجمود ثغرة، لكنها في أدبيات المسيرة القرآنية “ثغرة الموت” وبداية النهاية، وهي كذلك في الماضي والحاضر والمستقبل، فقد كان قبل بضعة أيام فقط محاصراً في المدينة ينتظر ساعة الصفر لهجوم قريش وخيبر، وهاهو اليوم ينتصر على خيبر في عقر دارها، ويُقيَّد قريش بإتفاقية وضع الحرب، ويكسب قبائل العرب أفواج وافواج، وبعد عامين فقط تم فتح مكة سلمياً، ذلك كان في عهد أحزاب وقريش ذلك الزمان مابعد إتفاق الحديبية، وفي عهد أحزاب وقريش هذا الزمان مخرج آخر سيكتبه الله بإتفاقية هذا الزمان، السيناريو الأقرب لمصير مشاورات السويد ديسمبر 2018م ومابعد السويد، لمؤشرات وأسباب ظهرت وستظهر في القريب العاجل.

 

وكما قام إبن الملك بذبح العسيري في رقعة الشطرنج والميدان لإنقاذ نفسه، سيقوم الملك الصهيوني بذبح إبن الملك السعودي لكن بعد تأدية المهمة الأخيرة للمملكة البقرة بإحتلال سواحل اليمن بعد إتمامها مهام إحتلال تيران وصنافير وسقطرى وميون ومشروع نيوم الصهيوني لهدف معلوم الهوى والهوية، فالملك الصهيوني أعلن وبالفم المليان أن مايجري في باب المندب أخطر على “تل أبيب” من إتفاق لوزان النووي الإيراني، ولإبن الملك بعد تعثر صفقة القرن المهمة الأخيرة بسراب ملك المملكة البقرة المجرورة بحبل راعي البقر والسفاح الأمريكي، والمُطالب من الرأي العالمي بسرعة ذبح بقرته الشمطاء.

 

تحالف إسلامي ثم تحالف عربي ثم تحالف إفريقي ثم البحران العبريان وصولاً إلى كيان البحر الأحمر كلها مسميات تنم عن أوقات عصيبة يمر بها الملك الصهيوني ومعها سيقرر ذبح إبن الملك بمعركة واشتباك الحديدة، فنتائجها سلباً أو إيجاباً على الصهيوني ستكون فاجعة إنسانية سيكون رحيل ابن الملك أقل ما يمكن فعله لإرضاء العالم.

 

وبالعودة لمشاورات السويد واتفاق ستوكهولم، نتفائل ولانتشائم بإتفاق الحديدة، ولامحالة للعدو مغامرة بحرية بكيان أمن البحر الأحمر، ولأحفاد سلمان الفارسي مجاهدي الساحل والبحر صولة وجولة حتى فتح مكة وبيت المقدس إن شاء الله تعالى، وخلي السلاح صاحي، وأمان البندقية ماتغلق، والإرتداد والمفاجئة ننتظرها من جنوب الثورة بالواحدية اليمنية الخالدة كما عودنا شرفاء جنوب العزة والكرامة مع وقف التنفيذ.

 

نتفائل برفع الحصار البحري، ولانتفائل بتدوير تحالف العدوان إلى كيان أمن البحر الأحمر المشبوه، ولانتفائل بعسكرة البحر الأحمر ببارجات ومدمرات كيان البحر الأحمر في ظل خلو محافظة الحديدة من الجيش واللجان الشعبية مايجعلها لقمة سائغة لبوارج الكيان الغازي عند تنصل العدوان من الإتفاق وبمصطلحات أكثر صهيونية، كأمن البحر الأحمر من أهله اليمنيين، وحينها سيبدأ العد التنازلي لبداية النهاية.

 

نتفائل بفتح طرق بر الإمداد من وإلى الحديدة، نتفائل بانسحاب جحافل الإرتزاق والتكفير من الجنوب والسودان، ولانتفائل بتدويل محافظة الحديدة بأمم متحدة فشلت طوال ستين عام وفي كل الإتجاهات، لانتفائل ونتشائم بإحتلال الجنوب بجيوش أجنبية ونخب مناطقية عنصرية وميليشيات تكفيرية، ولانتفائل ونتشائم بوجود جيوش إرتزاق وتكفير في مأرب وتعز ونهم.

 

نتشائم حتى الغثيان في ظل شرعية لاتوافقية أباحت واستباحت كل المحرمات، ونتشائم حد التقيؤ بشرعية بني سعود، ونتفائل ونجزم بزوال شرعية العدوان بوحدة وسيادة اليمن كل اليمن بالحكومة الإنتقالية القادمة وبرئيس توافقي جديد بمرحلة إنتقالية برحيل الجيوش الغازية وحل جيوش الإرتزاق والتكفير والنخب العنصرية والمناطقية تمهيداً لانتخابات جديدة تفرز شرعية شعبية وطنية تتجدد كل خمس سنوات في ظل يمن ديمقراطي موحد مقاوم للإستعمار والصهيونية والرجعية السعودية.

 

نتفائل بفتح مطار صنعاء للرحلات الخارجية وبذلك ستعود رموز وطنية مؤثرة لدغت من جحر الشرعية والأكثر لدغاً ولسعاً كان من أجحار بن سلمان وبن زايد وحتى أردوغان؛ ولابد من صنعاء وإن طال إغلاق المطار، ولانتفائل بفتح مطار صنعاء للرحلات الداخلية والإعتقال بالهوية المناطقية والألقاب العائلية والانتماء الحزبي لمحاكم تفتيش الإحتلال السعودي والاماراتي ومرتزقتهم.

 

نتفائل بوقف إطلاق النار في الساحل والعودة الفورية للنازحين إلى مدنهم وقراهم ومزارعهم وبيوتهم وأكواخهم وعششهم، فهم صمام الأمان الخالد لإفشال أي غزو ومغامرة لجيوش الإرتزاق الداخلي وجيوش الغزو الخارجي الغادر، وبدون عودة النازحين لانتفائل ونتشائم حتى النفير العام لمواجهة تداعيات فشل إتفاق حديبية الزمان في الحديدة.

 

نتفائل باعتصموا مع تشكيل لجنة عسكرية مشتركة من الشمال والجنوب والساحل وبإشراف أممي وإيرادات الحديدة لكل أبناء اليمن، ونتشائم بتفرقوا بالسعودي والإماراتي المسيطر على إيرادات المحافظات المحتلة وخيرها للغازي الأجنبي والفتات الفتات لقيادات مرتزقة العدوان.

 

نتفائل بعودة أبناء الجنوب إلى مدنهم وقراهم والتشائم حليفهم بسراب إنفصال الجنوب عبر بوابة تدمير واحتلال الحديدة، وليشاهدوا وبأم أعينهم حكام الجنوب الفعليين من السفير الأمريكي والسفير الإماراتي والسفير السعودي وهم يسرحون ويمرحون من غرب عدن حتى جنوب المهرة ومأرب، وكأنهم المندوب السامي في زمن عصبة الأمم المتحدة، وأهل الجنوب قاصرين الوعي السياسي والوطني، ويتشائم أبناء الجنوب أكثر وأكثر بتغييب القضية الجنوبية عن كل المشاورات والمفاوضات والإتفاقيات السابقة واللاحقة وكأنك يابو زيد ماغزيت.

 

نتفائل بالإعتراف غير المباشر للمجتمع الدولي بشرعية أنصار الله وحلفائهم كمكون يمني فاعل وأصيل ورقم سياسي محنك، وفعل عسكري ميداني صعب التجاوز وسيل شعبي جارف لايمكن تجاهله، أفشل أهداف العدوان المعلنة وغير المعلنة بعد حرب ضروس وحصار قاتل وخطاب فتن وكراهية تجاوزت كل معاني القيم والأخلاق والشرائع السماوية والأرضية وبلا حدود.

 

والميليشيات لم تعد ميليشيات، والمجوس لم يعودوا مجوس وفرس، والكهنة لم يعودوا كهنة وكهنوت، والمتمردين لم يعودوا متمردين، والإنقلابيين لم يعودوا إنقلابيين، والشرعية لم تعد شرعية وتمثل كل اليمن، فإتفاق السويد تم توقيعه بين شرعية الرياض وأنصار الله وحلفائهم، وسفراء عشرين دولة يباركون ومجلس الأمن يختم بالشرعية الدولية، أنصار الله يمنيين يمنيين بكل لغات دول مجلس الأمم المتحدة.

 

والتفاؤل مستمر ويصل تأثيره للغرب الأمريكي وساكن البيت الأبيض يهتز على وقع أصوات وقرارات وتقارير مؤثرة، فصحيفة النيويورك تايمز في عددها الصادر 12 ديسمبر 2018م تقول بأعلى الصوت أن مأساة اليمن صنعت في أمريكا وأن الأسلحة الأمريكية قتلت أطفال اليمن، ومجلس الشيوخ يصدر قرارات تصف النظام السعودي بالنظام الإستبدادي وتتهم بن سلمان بالقتل وتصفه بالقاتل لأطفال اليمن وتدعو لوقف الدعم العسكري للقاتل السعودي، ووقف إطلاق النار في اليمن، وكذلك صدر صوت أو صوتين في مجلس الأمن بضرورة وقف إطلاق النار.

 

ومنسوب التفاؤل يرتفع مع هرولة القاتل إلى السفاح نتنياهو لإنقاذ شرعيته المنهارة بكامب ديفيد جديد بين الكيان السعودي والكيان الإسرائيلي، وللبيت الحرام رب يحميه من أبرهه وأبو رغال هذا الزمان الذين سفكوا الدم اليمني الطاهر النقي والمنتصر بعون الله تعالى.

 

ونتفائل أكثر وأكثر بإتفاق الحديدة لتفعيل معادلة إلهية بالمسيرة القرآنية الحق، معادلة أسقطت فتنة الخيانة وقبلها كل أذرع الفتن في دماج وعمران وصنعاء، بقول الله تعالى: ((وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ۚ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))، ومن أصدق من الله حديثاً وقيلاً ووعداً ونصراً، ومن بحر الآيات لنا غرفة بأسطورة الصمود اليماني الخالد، ومع الإعتذار سلفاً لرجال وأبطال هذه الأسطورة الفريدة والمميزة، ونلتمس العذر منهم شهداء وجرحى وأسرى ومجاهدين بسرد جزء بسيط لفصل من فصول هذه الأسطورة اليمانية والمعجزة الإيمانية والحكاية والقصة بل الرواية تقول بأنهم كانوا أعداءاً ثم خصوماً فأصبحوا بنعمة الله سبحانه وتعالى مؤمنين إخوه بالإعتصام بحبل الله جميعاً للتصدي لعدوان غادر في ليلة ظلماء على الوطن والشعب اليمني الأصيل.

 

والرواية تقول أنهم تقاتلوا بعد أن فرقهم السعودي والتكفير الوهابي السلفي الإخواني وبشرعية سلطة المال والبنون للعهد البائد في حروب صعدة الظالمة، والمعارك تشتد وضراوة الإشتباك تستعر والحابل يختلط بالنابل، والشهداء والقتلى يتساقطون من الطرفين والمعركة تستمر حتى نفاذ الذخائر والمؤن ونقص في الأفراد، كانت أشرس معركة عرفوها، وتبقى لأحد الأطراف رصاصة واحدة فقط كانت كافية لفض الإشتباك وليمضي كل طرف لحال سبيله وهذا الطرف يعود لأدراجه وقواعده وذاك الطرف يعود من جديد ومن مكان آخر ما ليواصل جهاده في دحر خدام الصهاينة التكفير وأعوانه، وكان ماكان حتى ليلة العدوان الغادر مارس 2015م، ومجاهدي المسيرة القرآنية بالإستنفار إلى كل الجبهات ومنها الجبهة الشمالية مع العدو السعودي، والواجب الوطني والشرف العسكري يفرض نفسه على بضعة أفراد من ضباط وجنود الحرس الجمهوري وبقيادة ذاتية يتجهون أفراداً إلى الجبهة الشمالية لقتال العدو في ظل خذلان قيادتهم وخيانة الحكومة للوطن والشعب، وحملوا معهم ماحملوا من السلاح والذخائر والتموين ماأمكن، وأثناء طريقهم للجبهة الشمالية واجهتهم مصاعب وعثرات، فهم أفراد والقيادة ذاتية وبرتب عسكرية عالية من الصف القيادي العسكري الأول للحرس الجمهوري، وتمكنوا من الوصول إلى الأراضي المحتلة نجران وجيزان وعسير والجبهة الدامية للعدو السعودي تفتح في ظل قيادة مستقلة وحصرياً بأنفسهم وعلومهم العسكرية الحديثة وبمعزل تام عن التنسيق مع قيادة أنصار الله التي سهلت مهامهم القتالية الوطنية وكل طرف يقاتل العدو المشترك بطريقته الخاصة فهم أعداء سابقين والتنسيق بينهم شبة معدوم، بالرغم من العدو المشترك.

 

والعلوم العسكرية للحرس الجمهوري تفعل فعلها بالعدو، والعقيدة الإيمانية للمجاهدين تحقق معجزات غير متوقعة في صفوف العدو السعودي، وصفها حينها ذبيح إبن الملك ناطق العدوان السابق العسيري بالسحر والأسحار، والذخائر والتموين تنفذ وتستنفذ من أفراد الحرس الجمهوري والطيران المعادي يحلق في الأجواء وعلى مدار الساعة ويقتل كل هدف متحرك، ومجاهدي المسيرة القرآنية بالخبرة والتكتيك يعرفون المداخل والطرق لنقل الذخائر والتموين بالكتف والظهر والسير بالأقدام الحافية مسافات طويلة بالأيام والليالي، ذخائر على أكتاف مجاهدي الملازم القرآنية، تموين على ظهور رتب عالية من عترة آل البيت الكرام، يتم توصيلها لأفراد الحرس الجمهوري، فالميدان له شرف وأخلاق، والواجب الديني يذيب العداوة، وتستمر الخصومة والكبرياء، وتستمر الأسطورة اليمنية بالتصدي للعدو المشترك، وكل على طريقته الخاصة ضباط الحرس الجمهوري يسطرون أروع المعارك، ومجاهدي الملازم القرآنية يجترحون المعجزات لإيلام العدو السعودي، وأمام مشهد تواضع ودماثة أخلاق عترة آل البيت الكرام وتفانيهم غير المتوقع في نقل الإمداد وعلى ظهورهم وأكتافهم للحرس الجمهوري المقاوم وجميع المجاهدين ورويدا رويدا تذوب ثلوج الخصومة بعد ذوبان جليد العداوة، واتحاد العلوم العسكرية مع تكتيك المجاهدين يحقق إنجازات عسكرية مشتركة وبقيادة واحدة تتوالى وبأشد مما سبق، والأخبار تتوالى للعدو بأن الحرس الجمهوري هو الذي يقاتل في الجبهة الشمالية نجران وجيزان وعسير وأحد قيادات حرس العائلة يقول بأن من يقاتل في الجبهة الشمالية هم أفرادا ولايمثلون الحرس الجمهوري وقيادته، وزعيم الفتنة يؤكد للجنة فريق الخبراء الأمميين أن تحرك بعض الضباط ذاتي ولايمثله، بل يتطاول زعيم الخيانة على ضباط الحرس الجمهوري المرابطين في الجبهات الشمالية وبلغة الإحتقار والإنتقاص والإغتيال المعنوي يقول لهم بالفم المليان “قد بردقوكم”.. والجواب يأتيه صاعقاً بصوت الشهيد المجاهد العميد الركن حسن عبدالله محمد الملصي “أبو حرب”: “بردقونا بالقرآن”..

 

وفي ليلة مقمرة وسماء صافية بصفاء قلوب المؤمنين الأخوة المجاهدين، ومن حيث لايدري الأعداء الخصوم المؤمنين المجاهدين الاخوة، وفي جلسة سمر جهادية نقية تحت أضواء القمر المنير، توقفت السماء ترقب أحد فصول الرواية التي لم تروى بعد، عن الشهيد المجاهد اللواء الركن ناصر حسين القوبري، تحدث المتسامرين وتكلم الأعداء السابقين عن أقوى المواقف المؤثرة التي واجهتهم طيلة حياتهم العسكرية وعن عهد بغيض جعل اليمني يقتل اليمني، فالطرفين كانا من أشرس المقاتلين في ميادين النزال وأطولهم باعاً في الخبرة الميدانية والعسكرية، وكانت المفاجئة صادمة ومؤثرة للطرفين.

 

فقال الطرف الأول كنا ندافع في أحد المواقع المحاصرة واستشهد عدداً من المجاهدين وتبقى قائد الموقع وأفراد قليل معه، كانت المعركة تستعر علينا والقذائف وصواريخ الكاتيوشا تنهمر بإتجاهنا والضرب العنيف يستمر، نفذت ذخيرتنا ولم يتبقى سوى رصاصة واحدة فقط لدينا، أطلقناها ثم لم نعلم مالذي حدث بعدها، صمتت المدافع والنيران، وانتهت المعركة..

 

والطرف الثاني يطلق العنان لنفسه بالحديث وبعد سرد الكثير من وقائع المعركة وتفاصيلها تبين للسامرين أنهم هم أنفسهم كانوا أعداءاً بالسلطة الغاشمة والتكفير السعودي وفي تلك المعركة تحديداً أختيرت كأشرس وأعنف المواقف المؤثرة طوال مسيرتهم القتالية، وليكتمل المشهد لدى الطرفين، ويتبين أن الرصاصة الأخيرة أصابت أحد القادة المهاجمين من الطرف الآخر وليقرروا بعدها الإنسحاب من المعركة قائلين أنهم لم يروا مقاتلين أشرس من أولئك المقاتلين وكان صمودهم واستبسالهم إسثنائي..

 

ودار الحوار التالي بعد صمت وصدمة وانذهال..

– الشهيد أبو حرب: أبو أحمد عاد في قلبك مني..؟

— الشهيد أبو أحمد بصوت ينفي سؤال أبو حرب ويرفع كلتا يديه للسماء: الحمـــــــــــــدلله الحمــــــــدللـه، إحنا إخوة، إخوة إخوة، نقاتل أعداء الله، نعمة عظيمة من الله الحمــــــــدلله..

— الشهيد أبو صلاح وقد إمتلأ السامرين بمشاعر لاتوصف ودموع الرجال تكابر النزول: وانا مابقلبك مني.. أنا صحيح ماكنت بينهم لكن كنت أحشد مقاتلين ضدكم..

الجميع يبتسم وقد أصبحوا بنعمة الله إخوة مجاهدين مؤمنين بالمسيرة القرآنية المباركة يواجهون نفس العدو المشترك الذي فرق بينهم.. كانوا طرفي تلك المعركة المفروضة من خارج التكفير وداخل التكفير وسلطة المال والبنون الذين يفرقون بين المسلم واخيه وبين اليمني واليمني، والذين إنتهوا في أحضان تحالف أمريكا وإسرائيل بعضهم أولياء بعض، كمعجزة قرآنية خالدة.

 

عودة أخيرة لمشاورات السويد، واتفاق الهدنة، نقول لدينا إتفاق من نوع آخر، إتفاق المجاهدين المؤمنين شهداءاً وأحياء، ومصير الحديدة محسوم بالرئيس الشهيد الصماد وكل قادتنا الشهداء، سواء بنجاح الهدنة والإتفاق أو فشله، بالنجاح إنتصار وطني، وبالفشل فتح إلهي للأمة بنظر المعادلات الإلهية، وحسبنا الله ونعم وكيل، وقادر ياكريم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

جميل أنعم العبسي