نشر معهد المشاريع الأمريكية لأبحاث السياسات العامة في واشنطن مقالًا للباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط مايكل روبين، تناول فيه ما وصفه بالإخفاق المستمر للولايات المتحدة في التعامل مع الملف اليمني، مؤكدًا أن واشنطن باتت بحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة لاستراتيجيتها في هذا البلد، من خلال تغيير أولوياتها والتخلي عن أوهام الدبلوماسية التقليدية التي أثبتت فشلها.
وأشار روبين إلى أن الوقت قد حان لتبني حلول واقعية، تتضمن الاعتراف بواقع جديد على الأرض، وفي مقدمة ذلك تمكين الحكم المحلي في جنوب اليمن، والتعامل مع المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات كأمر واقع، إلى جانب دعم الحكم الذاتي الإقليمي، وإعادة بناء أدوات النفوذ الأمريكي في اليمن، لا سيما من خلال تفعيل الدور الدبلوماسي في عدن، بدلاً من الاعتماد على علاقات سطحية مع أطراف لم تعد تملك التأثير الفعلي داخل البلاد.
وبلهجة حادة، وجه روبين انتقادات لاذعة للسياسات الأمريكية السابقة، واصفًا إياها بالمرتبكة والمنفصلة عن الواقع، مشيرًا إلى أن فشل واشنطن لا يعود فقط إلى ضعف الأدوات، بل إلى تجاهل سلوك بعض الحلفاء الإقليميين، كالمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، الذين ساهموا، إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة، في تعزيز موقف قوات صنعاء، من خلال تنافسات إقليمية أضرت بالملف اليمني وأفقدته أي أفق سياسي مستقر.
وأضاف الكاتب أن المجلس الرئاسي المدعوم أمريكياً، والذي يفترض أنه يمثل السلطة الشرعية في اليمن، لا يمتلك أي سلطة حقيقية على الأرض، معتبرًا أن استمراره بهذا الشكل يزيد من تعقيد المشهد ويفاقم حالة الفوضى، داعياً إلى إعادة هيكلته على أسس تمثّل القوى الفاعلة ميدانياً لا سياسياً فقط.
وتحدث روبين عن وجود قنوات غير مباشرة يتم من خلالها إعادة تزويد الحوثيين بالموارد، بعضها يمر عبر مساعدات إنسانية تتساهل فيها منظمات دولية أو جهات حليفة لواشنطن، مطالباً بإعادة توجيه تلك المساعدات ووضع آليات رقابة صارمة على توزيعها، لمنع استغلالها في دعم طرف دون آخر.
واختتم روبين مقاله بالتأكيد على أن الاستمرار في النهج الحالي سيؤدي إلى مزيد من الفشل الأمريكي في اليمن، ما لم يتم الاعتراف بالتحولات على الأرض والانتقال نحو استراتيجية تستند إلى الواقع بدلاً من الرهانات السياسية القديمة التي لم تحقق إلا المزيد من التراجع والتعقيد.
