كشفت إحصائيات حديثة أن 238 صحفيًا قُتلوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في حصيلة غير مسبوقة فاقت مجمل أعداد الصحفيين القتلى في كبرى حروب القرنين العشرين والحادي والعشرين، بما في ذلك الحربان العالميتان الأولى والثانية، وحرب فيتنام، وحروب يوغوسلافيا وأفغانستان.
ووفقًا لمجلة فورين بوليسي، فإن الحرب على غزة تُعد “الأكثر دموية للصحفيين في التاريخ الحديث”، مشيرة إلى أن هذا الرقم الصادم يعكس جريمة ممنهجة تهدف إلى إخفاء الحقيقة عبر استهداف الإعلاميين ضمن خطة أوسع لارتكاب إبادة جماعية وتهجير قسري، تعتمد على القتل اليومي والتجويع والحصار.
وتؤكد لجنة حماية الصحفيين أن نحو 90% من الضحايا الصحفيين في غزة هم فلسطينيون، في حين يبرر الاحتلال قتلهم بزعم ارتباطهم بالمقاومة، وهي مزاعم تنفيها التحقيقات الأممية، مؤكدة أنهم كانوا ينقلون الحقيقة ويدافعون عنها قبل أي شيء آخر.
الأرقام تكشف أيضًا أن 55% من الصحفيين الذين قُتلوا على مستوى العالم عام 2024 كانوا في غزة، حيث يسقط صحفي كل ثلاثة أيام بنيران الاحتلال. وبالتوازي مع استهداف الأفراد، دمّر الجيش الإسرائيلي مقار عشرات المؤسسات الإعلامية، ومنع دخول الصحفيين الأجانب إلى القطاع منذ أكتوبر 2023، ما حوّل غزة – وفق توصيف جامعة براون – إلى “مقبرة للأخبار” في محاولة لطمس معالم التطهير العرقي.
ويصف خبراء الأمم المتحدة ما يجري بأنه “جريمة حرب مثبتة” لا يمكن تبريرها بأي ذريعة أمنية. وعلى الرغم من الإدانات الدولية المتكررة، يواصل الاحتلال سياسة القمع الإعلامي، في وقت يؤكد فيه الصحفيون الفلسطينيون أن استهدافهم لن يزيدهم إلا إصرارًا على نقل الحقيقة وكشف الجرائم أمام العالم.
المشهد في غزة، كما يصفه مراقبون، يجسد مأساة إنسانية وإعلامية غير مسبوقة، حيث تُرتكب جرائم الإبادة والتطهير العرقي أمام أعين العالم، في بث حي ومباشر، بينما يقف المجتمع الدولي عاجزًا عن إيقاف آلة القتل.