كشفت مجلة “سيناري إيكونوميك” الإيطالية أن صنعاء أعلنت فرض عقوبات على كبرى شركات النفط الأمريكية، في مقدمتها “إكسون موبيل” و“شيفرون”، لتصبح اليمن أول دولة في المنطقة ترد على العقوبات الأمريكية بإجراءات معاكسة تطال قلب الاقتصاد الأمريكي ذاته.
ووصفت المجلة الخطوة بأنها “تحوّل استراتيجي في أدوات الردع اليمنية”، إذ لم تعد المواجهة محصورة في الميدان العسكري أو البحر الأحمر، بل امتدت إلى المجال الاقتصادي والطاقوي، في رسالة مباشرة إلى واشنطن مفادها أن صنعاء تمتلك القدرة على معاقبة من يعتدي عليها بوسائل متعددة ومؤثرة.
وبحسب التقرير، فإن مركز تنسيق العمليات الإنسانية في صنعاء، الذي أُنشئ العام الماضي للتواصل مع الشركات البحرية، أصدر قرارًا رسميًا يقضي بفرض عقوبات على 13 شركة نفط أمريكية، إضافة إلى 9 مسؤولين تنفيذيين وأصلين مرتبطين بالولايات المتحدة، في خطوة غير مسبوقة منذ بداية الحرب.
وضمت القائمة شركات من العيار الثقيل، بينها: إكسون موبيل (ExxonMobil) – شيفرون (Chevron) – كونوكو فيليبس (ConocoPhillips) – ماراثون بتروليوم (Marathon Petroleum) – فالرو (Valero) – أوكسيدنتال (Occidental) – فيليبس 66 (Phillips 66).
كما شملت العقوبات رؤساء هذه الشركات العملاقة، وعلى رأسهم دارين وودز (إكسون موبيل) ومايك ويرث (شيفرون) ورايان لانس (كونوكو فيليبس)، ما جعل القرار أقرب إلى إعلان مواجهة اقتصادية شاملة مع واشنطن.
ونقلت المجلة عن المدير التنفيذي للمركز أن الهيئة “ستستخدم كل الوسائل المتاحة لمواجهة أي إجراءات عدائية ضد الجمهورية اليمنية”، مؤكداً أن القرار يأتي بمبدأ المعاملة بالمثل رداً على العقوبات الأمريكية المفروضة على شخصيات وكيانات يمنية خلال الأشهر الماضية.
ووفق المجلة الإيطالية، فإن دوافع صنعاء تتجاوز الجانب الرمزي، إذ تعكس انعدام الثقة تجاه مسار التهدئة وتكشف عن رغبة يمنية في إعادة ضبط قواعد اللعبة عبر استخدام أدوات اقتصادية للردع، إلى جانب استمرار العمليات البحرية في البحر الأحمر لدعم غزة ومقاومتها.
وأكد التقرير أن القرار اليمني يوجه رسالة قاسية إلى واشنطن مفادها أن “زمن الهيمنة الاقتصادية الأمريكية يقترب من نهايته”، محذراً من أن العقوبات الجديدة قد تفتح الباب أمام تصعيد بحري كبير ضد ناقلات النفط التابعة أو المرتبطة بالشركات الأمريكية في البحر الأحمر، وهو ما قد يشعل التوتر الجيوسياسي في واحدة من أهم ممرات الطاقة العالمية.
ورأت المجلة أن اليمنيين نجحوا في نقل المعركة إلى مستوى جديد من الردع غير التقليدي، مبيّنة أن صنعاء اليوم لم تعد تكتفي بردّ الصواريخ بالصواريخ، بل تردّ بالعقوبات على العقوبات، ما يعزز مكانتها كقوة إقليمية صاعدة قادرة على فرض معادلات جديدة تتجاوز الحسابات العسكرية إلى التأثير في موازين الاقتصاد العالمي.