كشفت أخت الأسير الشهيد عيسى العفيري، في شهادة إنسانية مؤثرة، عن سلسلة من الجرائم الوحشية والانتهاكات الممنهجة التي ارتكبها ما وصفته بـ”مرتزقة العدوان” ضد أسرتها في قرية حميّر الوادي بمديرية مقبنة – محافظة تعز، والتي بلغت ذروتها باستشهاد والدته تحت نيران حملة عسكرية مسلحة، وحرمانه من الحرية رغم الاتفاقات المسبقة لتبادل الأسرى.
جريمة بشعة في رمضان.. والأم تُستشهد صائمة
بحسب رواية الأخت، وقعت الجريمة في شهر شوال عام 2018م، حين هاجمت قوة عسكرية تابعة لميليشيا الإصلاح منزل العائلة بقيادة المدعو نوح النقال وبتوجيه من عمه عبد العزيز النقال. وأوضحت أن المهاجمين أطلقوا النار مباشرة على المنزل دون مبرر، ما أدى إلى استشهاد والدة الأسير العفيري التي كانت صائمة قبل أذان المغرب بدقائق.
وأكدت أن المهاجمين دهسوا جثمان والدتها بالطاقم العسكري بعد استشهادها، في جريمة وحشية تنافي كل القيم الإنسانية والأعراف القبلية، قبل أن يحاولوا تضليل الأهالي بالادعاء أنها “توفيت بحادث صدم”.
محاولة قتل أختيه وحصار اجتماعي خانق
وأشارت الأخت إلى أن المهاجمين حاولوا قتل شقيقتيها أثناء الهجوم، إلا أنهما قاومتا المعتدين ببسالة وتمكنتا من إحراق الطاقم العسكري الذي تركوه وراءهم، وأصابتا أحد المهاجمين بجروح قبل فرارهم.
وأضافت أن الجريمة سبقتها حالة من الحصار الاجتماعي المفروض على الأسرة، إذ منعت عناصر المرتزقة سكان القرية من التواصل مع العائلة أو زيارتها، مما أدى إلى عزلة قسرية ومعاناة نفسية ومعيشية امتدت لسنوات.
هذا الوضع دفع شقيقهم الأصغر، الذي لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، إلى الالتحاق بصفوف الجيش واللجان الشعبية، ليستشهد بعد عام واحد في جبهة الكُدحة، ليواصل درب العزة الذي رسمته العائلة.
صفقات تبادل أُفشلت عمداً
وكشفت أخت الشهيد أن الأسير عيسى العفيري كان على وشك الإفراج عنه في أكثر من صفقة تبادل، لكن الطرف الآخر كان يتعمد إفشال العملية في اللحظات الأخيرة.
وقالت إن واقعة عام 2017م كانت الأكثر إيلاماً، حين تم تحميل عيسى على متن طاقم التبادل، قبل أن يُنزَل منه في آخر لحظة بأوامر مباشرة من قيادات ميدانية، في خيانة واضحة للاتفاقات الإنسانية.
وأضافت أن الطرف السعودي يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، كونه المتحكم في قرارات الفصائل التابعة له في الميدان، مؤكدة أن كل المساعي التي بذلتها لجنة شؤون الأسرى برئاسة عبد القادر المرتضى لإطلاق سراحه أُحبطت بشكل متعمد، عبر شروط تعجيزية ومطالب مالية خارجة عن الأعراف الإنسانية.
صمود رغم الفقد.. وإيمان بالمسيرة
وروت الأخت أن عيسى، رغم معاناته داخل الأسر، حين علم باستشهاد والدته قال لها في رسالة مؤثرة:
“أمي شهيدة في سبيل الله.. لا تبكي يا أختي، نحن وهبنا أرواحنا لله، وللمسيرة القرآنية، ولسيدنا القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي.”
كلماتٌ تختصر معاني الثبات والصبر والولاء للقضية، وتُظهر عمق الإيمان الذي تحمله هذه الأسرة في مواجهة آلة القتل والخذلان.
وأكدت الأخت في ختام شهادتها أنها فخورة بأمها الشهيدة وأخويها المجاهدين، وأنها ماضية على ذات الطريق، تحمل راية الصبر والثبات والإيمان بعدالة قضيتها، في وجه ما وصفته بـ”جرائم العدوان ومرتزقته” التي لن تسقط بالتقادم.
“دم أمي وأخي وأسرانا لن يضيع، وسينتصر المظلوم مهما طال ليل الظلم.”