المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    بكاميرا 200 ميغابيكسل.. Vivo تطلق هاتفها المنافس قريبا

    تستعد vivo لإطلاق هاتفها الجديد الذي سينافس أحدث الهواتف...

    3 أطعمة تجنّب تناولها على معدة فارغة في الصباح.. قد تُسبب الحموضة والانتفاخ

    ما تختاره لتناوله فور الاستيقاظ يمكن أن يحدد شكل...

    منتخب مصر يتأهل إلى كأس العالم 2026

    خرج المنتخب المصري من ملعب نظيره الجيبوتي مساء يوم...

    علامات الإصابة بنوبة قلبية

    يمكن أن تشكل النوبة القلبية خطرا قاتلا إذا لم...

    طريقة غريبة لإنقاص الوزن دون حمية أو رياضة مكثفة

    يسعى العلماء حول العالم لاكتشاف طرق جديدة وآمنة لإنقاص...

    الأمم المتحدة منظمة فاشية

    يزعم اليهود أن لهم الحق المطلق في إبادة الآخرين ونهب ثرواتهم وممارسة كل أشكال الانتهاكات بحق الشعوب غير اليهودية، وهذه العقائد ليست ادعاءات خصومهم كما يزعمون، بل هي مُوثَّقة في كتبهم ومؤلفاتهم الدينية التي يتوارثونها جيلاً بعد جيل، ويتفاخرون بها في إعلامهم وخطب قادتهم واجتماعاتهم الدينية والسياسية. فالتلمود، الذي يُعدّ المرجع العملي للفكر اليهودي، يقرّ بوضوح أن “الأممي” – أي غير اليهودي – لا حرمة له في النفس ولا في المال ولا في العرض، وأن الاعتداء عليه لا يُعدّ جريمة بل قُربة إلى الربّ. ومن هذا المنطلق الديني المنحرف تُمارس العصابات الصهيونية اليوم أبشع الجرائم بحق المسلمين في غزة وفلسطين عامة، تحت غطاء ديني يمنحهم تبريراً “مقدساً” لكل ما يفعلونه.

    إن الفكرة الجوهرية التي تحكم السلوك الصهيوني هي نفي إنسانية الآخر، فاليهودي بحسب عقيدتهم هو وحده “ابن الله المختار”، أما سائر الأمم فهم أدوات لخدمته أو وقود لحروبه. ولهذا نرى الإبادة الجماعية لأهل غزة تُقدَّم في خطابهم السياسي والإعلامي كـ”دفاع عن النفس”، بينما هي في حقيقتها تطبيق عملي لمبادئ التلمود، الذي يبيح قتل الأطفال وتدمير المدن طالما أن ذلك في سبيل “أمن إسرائيل”.

    وفي المقابل، تقف الأمم المتحدة – التي يفترض بها أن تكون مرجع العدالة الدولية – في موقع المتواطئ أو الشريك الصامت، إذ تحولت منذ عقود إلى درعٍ سياسي وقانوني يحمي الكيان الصهيوني من المساءلة والعقاب. فالمنظمة التي أسّسها المنتصرون في الحرب العالمية الثانية، واحتكروا فيها حق النقض (الفيتو)، لم تُنشأ لحماية المظلومين بل لضمان مصالح القوى الكبرى وحلفائها، وعلى رأسهم اليهود والصهاينة.

    ومنذ إعلان قيام الكيان عام 1948، لم تصدر الأمم المتحدة قراراً واحداً قابلاً للتنفيذ يردع جرائم الاحتلال أو يعيد الحقوق إلى أصحابها، بل على العكس، كل قراراتها كانت تُفرغ من مضمونها أو تُجمَّد عند أول اعتراض أمريكي أو بريطاني، حتى غدت المنظمة أشبه بذراع دبلوماسية للغرب في تبييض الجرائم الصهيونية ومنحها الشرعية الدولية.

    وهكذا، فإن الأمم المتحدة ليست فقط عاجزة عن إنصاف الفلسطيني، بل هي شريك مباشر في مأساة الشعب الفلسطيني، لأنها ساهمت في تثبيت الاحتلال، وسكتت عن المجازر، وشاركت في صناعة خطابٍ أممي يُجرّم الضحية ويمجّد الجلاد. ومن هنا، فإن كل قطرة دمٍ فلسطينية تسفك اليوم، تتحمل المنظمة الدولية نصيبها من وزرها، لأنها هي من منحت للكيان شرعيته الأولى، وهي من وفّرت له الحماية من المساءلة حتى اليوم.

    ومن الشواهد الواضحة على التبني الأممي للإجرام الصهيوني، أسلوب الأمم المتحدة في التعاطي مع جرائم الإبادة التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني. فحين يتعلّق الأمر بالمجازر الصهيونية، تتحدث المنظمة الدولية بلغة باردة ومحايدة إلى حدّ التواطؤ، إذ تكتفي بعبارات عامة من قبيل: “مقتل ألف فلسطيني بغارات جوية”، من دون أن تذكر هوية الجهة المنفذة، وكأن القتلى سقطوا بفعل كارثة طبيعية أو زلزال، لا نتيجة لآلة حرب استعمارية تمارس القتل الممنهج منذ أكثر من سبعة عقود.

    أما عندما يتعلق الأمر بأي فعل مقاوم للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان، فإن لغة البيانات الأممية تتحوّل فجأة إلى لهجة حادّة مليئة بالإدانة والتحريض، تصف المقاومة بـ”الإرهاب” و”الاعتداء على المدنيين”، كما حدث عقب عملية “طوفان الأقصى”، التي أدانتها الأمم المتحدة بشدة، بذريعة أنها تسببت في مقتل مدنيين وأسر بعضهم. تجاهلت المنظمة تماماً السياق التاريخي للعملية، وتغافلت عن أن ما جرى كان ردّاً على عقودٍ من القتل والاحتلال والحصار، وعن أن سجون الكيان تكتظ بعشرات الآلاف من الفلسطينيين المختطفين، بينهم نساء وأطفال ومسنون، يُحتجزون بلا محاكمات في ظروف لا إنسانية.

    هذه التناقض الصريح في اللغة والسياسة يكشف أن المنظمة الأممية والجهات التابعة لها تتبنى النهج اليهودي في التعامل مع العرب وغير العرب، وتبرر ذلك باحترام الأديان والعقائد والحريات السياسية، وهذا التبرير يعتمد على مغالطات كبيرة جداً، فالأمم المتحدة لا تحترم أي حقوق إلا بالشكل الذي يخدم المشروع الصهيوني، ولا تدين أي إجرام يصدر منه فيما تصنف حق الشعب الفلسطيني في مقاومة ذلك الإجرام بأنه إرهاب منظم.

    وهذا التناقض الصارخ في اللغة والسياسة يكشف بوضوح أن المنظمة الأممية والهيئات التابعة لها لا تتحرك وفق مبادئ العدالة والإنسانية كما تزعم، بل تتبنى – عمليًا – النهج اليهودي الصهيوني في النظر إلى العرب وسائر الشعوب. فهي تتعامل مع العالم من زاوية التفوق الحضاري المزعوم، وترى في معاناة الفلسطينيين مجرد أرقام في تقاريرها السنوية، لا كجريمة ضد الإنسانية تستحق الملاحقة والعقاب.

    وتحت شعاراتٍ براقة مثل “احترام الأديان والعقائد” و”حماية الحريات السياسية”، تُمارس الأمم المتحدة تبريرًا ممنهجًا للجرائم الصهيونية، وتُخفي وراء هذه العناوين مغالطاتٍ كبرى تفرغ القانون الدولي من جوهره الأخلاقي. فحين تُقتل آلاف النساء والأطفال في غزة، تُبرَّر المأساة بأنها “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”، وحين يقاوم الفلسطيني احتلال أرضه يُصنَّف فعله بأنه “إرهاب منظّم”. بهذا المنطق المقلوب أصبحت المنظمة الدولية تحتكر تعريف الخير والشر، وتعيد صياغة المفاهيم بما يخدم المشروع الصهيوني على المستويين السياسي والإعلامي.
    ومن اللافت أن موقف الأمم المتحدة من النازية والفاشية يختلف جذريًا عن موقفها من الصهيونية، رغم أن الأنظمة الثلاثة – من حيث الجوهر – تشترك في العقيدة العنصرية والإقصائية ذاتها. فالنازية كانت ترى في “العرق الآري” سلالة متفوقة على بقية الشعوب، بينما تعتبر الصهيونية اليهود “شعب الله المختار” الذي له الحق في السيطرة على الآخرين. ومع ذلك، تعاملت الأمم المتحدة مع النازية والفاشية كأخطر التهديدات التي عرفتها البشرية، فحاربتها وعدّت جرائمها ضد الإنسانية، وأنشأت بعد الحرب محاكم دولية خاصة لملاحقة قادتها، وأقرت في ميثاقها مبدأ تجريم التمييز العنصري بكل أشكاله.

    لكن عندما تحولت الصهيونية إلى كيان سياسي يمارس القتل والاحتلال والإبادة تحت غطاء “الدفاع عن النفس”، التزمت المنظمة الصمت أو اكتفت ببيانات رمادية، بل إنها شرعنت وجود الكيان نفسه بقرار التقسيم عام 1947، مانحةً الحركة الصهيونية اعترافًا دوليًا لم تحظَ به أي حركة عنصرية في التاريخ الحديث. وهكذا أصبح ما يُعدّ جريمة في أوروبا هو ذاته يُعدّ “حقًا مشروعًا” عندما يُمارَس ضد العرب والمسلمين، في مفارقة تاريخية تُسقط عن الأمم المتحدة آخر ما تبقّى من مصداقيتها الأخلاقية.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد محسن الجوهري

    المادة السابقة
    المقالة القادمة
    spot_imgspot_img