ألقى قائد أنصار الله السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، اليوم الخميس، خطابًا تاريخيًا بمناسبة الذكرى الثانية لعملية طوفان الأقصى وتطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أكد فيه أن ما جرى خلال عامين هو “العدوان الأكثر دموية وإجرامًا في هذا العصر”، مشددًا على أن الكيان الصهيوني يعيش مأزقًا شاملاً بعد فشله في تحقيق أيٍّ من أهدافه رغم الدعم الأمريكي الواسع.
العدوان الصهيوني: جريمة العصر بحق الإنسانية
قال السيد القائد إن العدو الإسرائيلي يمارس العدوان المستمر منذ احتلاله لفلسطين، مضيفًا أن العامين الماضيين شهدا إبادة جماعية شاملة ضد المدنيين باستخدام القنابل الأمريكية المدمرة والحارقة، استهدفت الأطفال والنساء والمستشفيات والمساجد والبنى التحتية في غزة.
وأكد أن العدو تعمّد تجويع وتعطيش الشعب الفلسطيني حتى بات حليب الأطفال والماء النظيف ضمن الممنوعات، مشيرًا إلى أن العدو دمّر آبار المياه وشبكات الصرف الصحي، ومنع الدواء، واستهدف المستشفيات والأطباء والرضّع والخدّج، في واحدة من أبشع جرائم العصر.
وأضاف السيد الحوثي أن العدو مارس التهجير القسري والتدمير الكامل للأحياء السكنية، وارتكب جرائم ممنهجة طالت المقابر والمدارس والمساجد والإعلاميين والعاملين في الإغاثة، مؤكّدًا أن ما جرى هو “جريمة القرن” بالإجماع البشري والشرعي والقانوني.
طوفان الأقصى.. محطة فاصلة غيّرت مسار التاريخ
شدّد السيد القائد على أن “عملية طوفان الأقصى” كانت محطة فارقة ومباركة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، جاءت نتيجة 75 عامًا من الإجرام الصهيوني ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية.
وأوضح أن هذه العملية لم تكن عدوانًا من الفلسطينيين، بل ردًّا مشروعًا على الاحتلال والاضطهاد، بعد أن بلغ الظلم ذروته.
وبيّن أن المشروع الصهيوني–الأمريكي كان يستهدف تصفية القضية نهائيًا عبر التطبيع، وصفقة القرن، وتغيير مناهج التعليم، وتحريف الخطاب الديني والإعلامي، وربط الاقتصاد العربي بالكيان الإسرائيلي.
وأكد أن “التطبيع ليس سلامًا بل استسلام وتمكين للعدو من السيطرة الشاملة على المنطقة”، وأن الأنظمة المطبّعة “فرّطت في فلسطين والمقدسات”، فيما اتجه بعض العرب إلى تجنيس اليهود الصهاينة وفتح أراضيهم لهم اقتصاديًا وسياسيًا.
وقال السيد القائد إن الصهيونية تسعى لاحتلال العقول والقلوب، وتغيير الولاءات داخل الأمة، وتربية الأجيال على الولاء للعدو، محذرًا من التمييـع الثقافي والإفساد الأخلاقي المتصاعد في بلاد الحرمين، الذي يهدف إلى “إلهاء الأمة بالرقص والمجون عن قضاياها المقدسة”.
العدوان على غزة.. فشل ذريع رغم الشراكة الأمريكية
أكد السيد الحوثي أن العدوان الصهيوني على غزة فشل فشلًا تامًا رغم الدعم الأمريكي والغربي الهائل، مشيرًا إلى أن العدو لم يتمكن من حسم المعركة أو استعادة الأسرى أو إنهاء المقاومة.
وقال إن العدو، الذي كان يحسم حروبه مع الجيوش العربية خلال ساعات، “عجز عن إخضاع قطاع صغير محاصر رغم كل جبروته”، مضيفًا أن المجاهدين في غزة “صمدوا ببسالة وثبات منقطع النظير”.
وأشار إلى أن العدوان استهدف احتلال غزة بالكامل وتدميرها وتهجير شعبها، لكن صمود الفلسطينيين أفشل تلك المخططات وأجبر العدو على توقيع الاتفاق، مؤكدًا أن ما جرى هو انتصار للحق وفشل ذريع للكيان ولداعمه الأمريكي.
محور المقاومة: لبنان وإيران واليمن في جبهة الإسناد
أشاد السيد القائد بموقف محور المقاومة وجبهات الإسناد، وفي مقدمتها الجبهة اللبنانية التي وصفها بأنها “الأكثر تضحية وتأثيرًا”، مؤكدًا أن “لا أحد قدّم إسنادًا كما قدمه الإخوة في لبنان”.
كما ثمّن الدور الإيراني الكبير في الدعم والمواجهة المباشرة مع العدو، مشيرًا إلى أن عمليات “الوعد الصادق” في إيران مثّلت تصعيدًا نوعيًا في تاريخ الصراع مع الكيان.
وفي السياق ذاته، أوضح أن اليمن كان حاضرًا منذ اللحظة الأولى للعدوان على غزة، رسميًا وشعبيًا، وأن قرار صنعاء حظر الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن كان قرارًا تاريخيًا أثبت نجاحه بنسبة 100%.
وقال إن “عمليات اليمن البحرية والصاروخية فرضت حصارًا فعليًا على العدو وأثّرت بعمق على اقتصاده ومطاراته وموانئه”، مشيرًا إلى أن اليمن خاض مواجهة بحرية يعترف الأمريكي بأنها لم يشهد مثلها منذ الحرب العالمية الثانية.
وكشف السيد القائد أن عدد العمليات العسكرية اليمنية الإسنادية بلغ 1835 عملية ما بين صواريخ باليستية ومجنّحة وطائرات مسيّرة وزوارق حربية، إلى جانب زخم شعبي هائل تجاوز 49 ألف مسيرة ومليونية خلال عامين. وقال إن “هذا الحضور الشعبي الفريد عالميًا هو ثمرة الوعي القرآني والإيمان الصادق بقضية الأمة”.
اليمن.. نموذج الصمود والإيمان في وجه العدوان الأمريكي–الإسرائيلي
أكد السيد القائد أن الشعب اليمني واجه حروبًا أمريكية وبريطانية وإسرائيلية مباشرة، وصمد بثباتٍ أسطوري، رغم المؤامرات الإعلامية والأمنية والاقتصادية التي استهدفته.
وقال إن “شعبنا لم يتزحزح، لم ينهزم، لم يتراجع، بل نما وازداد وعيًا وقوةً وصلابةً”، مشيرًا إلى أن اليمن بات اليوم “أقوى من أي وقت مضى عسكريًا وإيمانيًا وسياسيًا”.
وأوضح أن اليمن “نجح في تصنيع الصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيرة المتطورة”، وأن قدراته البحرية وصلت إلى “مستوى يعترف به العدو الأمريكي كأعنف مواجهة منذ الحرب العالمية الثانية”، مؤكدًا أن كل ذلك ثمرة الثقة بالله والتحرك الواعي في سبيله.
الاتفاق حول غزة.. فشل للعدو وانتصار للمقاومة
قال السيد القائد إن الاتفاق الذي أُعلن بشأن غزة يؤكد فشل العدو الإسرائيلي والأمريكي في تحقيق أهدافهم، مشددًا على أن ما حدث جولة من الصراع المستمر مع الأعداء.
وأكد أن المرحلة القادمة تتطلب اليقظة والجهوزية العالية ومواصلة الرصد والتنسيق مع فصائل المقاومة، موضحًا أن “العدو اعتاد بعد كل جولة الإعداد لجولة جديدة من العدوان، ولهذا فإن الاستعداد واجب دائم”.
دعوة للخروج المليوني: تتويج لعامين من النفير والجهاد
وفي ختام كلمته، دعا السيد القائد الشعب اليمني إلى الخروج المليوني يوم غدٍ الجمعة في ميدان السبعين وساحات المحافظات تحت شعار “طوفان الأقصى.. عامان من الجهاد والتضحية حتى النصر”، مؤكدًا أن هذا الخروج “تتويج لعامين من الموقف القرآني المشرّف والنفير العظيم في سبيل الله”.
وقال:
“الخروج المليوني هو تعبير عن الوفاء والإيمان والثبات، واستمرار الزخم المساند للشعب الفلسطيني ومجاهديه، وتأكيد على أننا أمة حية ترفض الاستعباد وتتمسك بالعزة والتحرر.”
وختم السيد القائد خطابه بالتأكيد أن “اليمن سيواصل مراقبة الأحداث ومواكبتها ميدانيًا وسياسيًا وإعلاميًا، وسيكون له التعليق والموقف تجاه أي مستجد يتطلب ذلك”، مؤكّدًا في الوقت نفسه أن التنسيق قائم ومتواصل مع الإخوة في فلسطين ومحور المقاومة وأحرار العالم.
