المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    قمّة لغسل جرائم الإبادة الصهيونية

    تحت وابلٍ من الضحايا وركام المنازل تُعقد القمم لتبييض...

    خطاب ترامب: تصفية خصوم (إسرائيل) وتطبيع جديد

    الخطاب الأخير للمجرم الأمريكي دونالد ترامب أمام الكنيست الإسرائيلي...

    قطعًا انتصرت غزة والمقاومة

    فشل المثلث الصهيوني أمام غزة رغم ماصبوه عليها من...

    14 أُكتوبر.. الثورةُ المتجدِّدة

    نحتفي اليومَ بالذكرى الـ62 لثورة 14 أُكتوبر المجيدة، التي...

    لماذا يخرج اليمن من الصراع أقوى؟؟

    عندما نقول إن ما بعد إسناد اليمن لغزة ليس...

    خطاب ترامب: تصفية خصوم (إسرائيل) وتطبيع جديد

    الخطاب الأخير للمجرم الأمريكي دونالد ترامب أمام الكنيست الإسرائيلي لم يكن مُجَـرّد حدث سياسي عابر، بل رسالة عدوانية واضحة تحمل في طياتها نوايا أمريكية لإعادة ترتيب الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الصهيونية.

    فحين يتحدث الكافر ترامب عن “نزع سلاح المقاومة الفلسطينية” و”ضمان أمن (إسرائيل) إلى الأبد”، فهو لا يتحدث من موقع المنتصر، بل من موقع المتآمر الذي يحاول إنقاذ كيان فشل في تحقيق أهدافه رغم كُـلّ الدعم الغربي والتخاذل العربي.

    منذ السابع من أُكتوبر وحتى اليوم، لم تحقّق (إسرائيل) أيَّ هدف من أهدافها المعلنة، لا في القضاء على حركة المقاومة حماس ولا في تحرير الأسرى الذين زعمت أن الحرب؛ مِن أجلِهم.

    بل على العكس، بات جيش الاحتلال في مأزق عسكري وأخلاقي عميق، بينما صمدت المقاومة الفلسطينية رغم الحصار والدمار وأدارت المعركة بذكاء نادر.

    فكيان الاحتلال لم تستطع إخضاع غزة، ولم تستلم أسيرًا واحدًا إلا عبر مفاوضات غير مباشرة خاضتها المقاومة من موقع القوة، وفرضت من خلالها شروطها وأهدافها.

    وحديث الكافر ترامب عن “العملية المشتركة مع كيان العدو ضد إيران” و”إلقاء 14 قنبلة على منشآت نووية” لا يُظهر قوة، بل ضعفًا سياسيًّا وعسكريًّا واضحًا.

    إنها محاولة لتغطية الإخفاقات الأمريكية والإسرائيلية، وصناعة انتصار إعلامي بعد سلسلة من الهزائم الميدانية والاستخباراتية التي كشفت هشاشة الكيان الصهيوني أمام إرادَة الشعوب الحرة.

    فالإدارة الأمريكية تحاول بكل وسيلة إعادة الاعتبار لمشروعها في المنطقة عبر خطابٍ يبدو قويًّا، لكنه في الحقيقة اعتراف بالفشل.

    إن ما يسميه ترامب “سلامًا قادمًا” ليس سلامًا حقيقيًّا، بل استسلام مُقنّع على الطريقة الأمريكية، يقوم على تجريد الأُمَّــة من سلاحها وإرادتها مقابل إبقاء (إسرائيل) كقوة فوق القانون تمارس القتل والتوسع متى شاءت.

    إنه “سلامٌ زائفٌ” يكرّس الاحتلال ويمحو القضية الفلسطينية من الوعي العربي والإسلامي.

    وما يزيد خطورة هذا الخطاب أنه يأتي متزامنًا مع موجة تطبيع جديدة تتسابق فيها بعض الأنظمة العربية لإرضاء الكيان الصهيوني، وكأنها لم تتعلم من دروس التاريخ، متجاهلةً ما يجري في غزة من إبادة ومجازر بحق المدنيين.

    على الأنظمة العربية أن تُدرك أن أمريكا لا تسعى إلى استقرار المنطقة، بل إلى إخضاعها الكامل.

    فسياساتها الثابتة تقوم على تمكين (إسرائيل) وإضعاف كُـلّ قوة مقاومة أَو مستقلة يمكن أن تعيق مشروعها.

    وأي نظام عربي يراهن على حماية واشنطن سيكتشف يومًا أنها تستخدمه كورقة مؤقتة، ثم ترميه متى انتهت مصلحتها.

    إن خطاب ترامب لم يكن دعوة إلى السلام، بل تحريضًا على الحرب، ومحاولة لتزييف الوعي العربي والإسلامي، عبر إقناع الشعوب بأن المقاومة خطرٌ يجب التخلص منه، وأن الاحتلال يمكن أن يكون “شريك سلام”.

    لكن الواقع يُكذّب ذلك؛ فـ(إسرائيل) لم تنتصر، ولم تحقّق أيًّا من أهدافها، ولم تُحرّر أسيرًا واحدًا إلا عبر مفاوضات فرضت فيها المقاومة شروطها.

    هذه الحقائق وحدها كافية لإسقاط كُـلّ دعاوى النصر الأمريكي الإسرائيلي.

    المقاومة الفلسطينية، رغم الجراح والحصار، أثبتت أن السلاح ليس تهديدًا بل شرف الأُمَّــة، وأن من يطالب بنزعه إنما يطالب بنزع كرامتها.

    لقد بيّنت التجربة أن القوة الحقيقية لا تُقاس بحجم الجيوش ولا بعدد الصواريخ، بل بالإيمان بالقضية والتمسك بالحق.

    فالمقاومة التي قاتلت؛ مِن أجلِ الحرية والكرامة أثبتت أن الإيمان يصنع المعجزات، وأن العدوّ مهما امتلك من ترسانةٍ ودعمٍ دولي، يبقى عاجزًا أمام إرادَة أصحاب الأرض.

    إن خطاب ترامب محاولة فاشلة لإحياء مشروع “السلام الأمريكي” الذي لفظه الشارع العربي منذ سنوات.

    لكنه أَيْـضًا تذكيرٌ بضرورة الحذر من السياسة الأمريكية، التي تُخفي خلف وعودها المراوغة نوايا السيطرة والتفكيك.

    فواشنطن لم ولن تكون يومًا حامية للعرب، بل حامية لـ (إسرائيل)، وأي تقاربٍ معها على حساب المقاومة لن يجلب سوى الذل والانقسام.

    وهكذا يبقى صوت المقاومة هو التعبير الصادق عن كرامة الأُمَّــة، والميزان الحقيقي لمعادلة القوة في المنطقة.

    فـ(إسرائيل) لم تنتصر، ولن تنتصر؛ لأَنَّ من يقاتل دفاعًا عن أرضه ودينه وعده الله بالنصر، مهما طال الليل واشتد الحصار، ومهما زيف ترامب ومن معه حقيقة المشهد.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    شاهر أحمد عمير

    spot_imgspot_img