في أعقاب إعلان استشهاد رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن محمد عبد الكريم الغماري ارتفعت وتيرة التغطية في إعلام العدو الصهيوني وردود أفعاله الأمنية والسياسية، فكان الخبر مادة اهتمامٍ ومتابعة واسعة لدى أوساطه الرسمية والإعلامية. ورغم أن بعض عناوينهم بدا فيها سعي للاحتفاء بالاغتيال، فإن خطابهم الأمني لم يخفِ في الوقت نفسه اعترافه بمدى ما خلّفه الغمّاري من إرث عسكري “لا ينتهي باغتياله”، وبقدرة اليمن على استمرار تهديد الكيان.
أفاد الإعلام الصهيوني بأن الشهيد “قُتل أثناء نشاط جهادي”، لكنه لم يغفل الإشارة إلى أن الرجل كان ركيزة في تطوير القدرات الصاروخية واليمنية، وأن نشاطاته تركت أثراً استراتيجياً مقلقاً لدى المؤسسة الأمنية لديهم. ودوّن محللون ومصادر أمنية صهيونية أن الصراع لم ينتهِ مع مقتله، وأن الوجود اليمني العسكري يستوجب متابعة دقيقة وعدم التهوّن من تبعاته.
في خطابٍ رسمي لزعيمهم تحدثوا عن أن الشهيد “توَّج كل عطاءاته الكبرى”، وأنه “عمل بلا كلل في نصرة الشعب الفلسطيني والإسناد بفاعلية عالية”، ما يعكس في الوقت نفسه تقديراً لفعالية الدور الذي اضطلعت به قيادات صنعاء، وإن بدا ذلك في إطار محاولة لطمأنة الجمهور الداخلي بأن توجيه الضربات لم ينهِ خطر الخصم.
على المستوى الأمني دعا بعض خبراء ومراكز التقييم في كيان العدو إلى استثمار اللحظة عبر ضربات استباقية لمنع اليمن من مواصلة تطوير قدراته، معتبرين أن تعيين رئيس أركان جديد سريعاً يبيّن أن صنعاء لا تضيع وقتاً في تعويض الخسائر القيادية ومواصلة البناء العسكري. في المقابل تصاعدت تصريحات التهديد اليمنية بالثأر، حيث أعاد الطرف اليمني التأكيد على أن استئناف العمليات وارد إذا اقتضت موازين القوة ذلك، ما يشير إلى حلقة من الردع المتبادل والتهديدات المتبادلة.
خلاصة ردود الفعل العدوّية تجمع بين فرحةٍ ظاهرة بإعلان اغتيال خصمٍ بارز، وقلقٍ عمليٍ واستراتيجيٍ من استمرار القدرات اليمنية وتطويرها. وترى دوائر العدو الأمنية أن “لا مجال للاسترخاء” وأن مراقبة الميدان والتهديد اليمني مستمرة، مع تركيز على منع تحوّل اليمن إلى عامل فاعل أكثر تأثيرًا في المسارات البحرية والاستراتيجية إقليمياً. في المقابل عبّر الموقف اليمني عمّا يشبه التحدّي والاحتفاظ بحق الردّ، ما يضع المنطقة أمام مرحلة من الاحتكاك والتقاطع بين رسائل الردع والعمليات الميدانية.