المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    يديعوت أحرونوت: انهيار الملاحة الإسرائيلية بقرار يمني

    كشفت صحيفة “معاريف” العبرية عن انهيار شبه كامل في...

    4 شهداء اثر عدوان إسرائيلي جديد على لبنان والأخير يطالب بتفعيل لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار

    شهد الجنوب اللبناني ومناطقه الشرقية، مساء اليوم الخميس، تصعيدًا...

    اللواء الغماري.. من دراسة الفيزياء إلى إصلاح الصواريخ وقيادة معركة الدفاع عن اليمن

    روى وكيل وزارة الإعلام لقطاع السياسات والمحتوى الدكتور أحمد...

    “الديون الرخيصة”.. سلاح الصين المالي لخنق الدولار وتوسيع نفوذ اليوان

    تتحرك الصين بخطى محسوبة نحو إعادة تشكيل النظام المالي العالمي، مستخدمةً “الديون الرخيصة” كأداة استراتيجية لتقليص هيمنة الدولار الأميركي، وترسيخ حضور “اليوان” كبديل نقدي متنامٍ في التجارة والتمويل الدوليين.

    ووفق تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ، تستغل بكين موقعها كأكبر دائن في العالم لتوسيع نطاق استخدام عملتها، إذ تمنح المقترضين الأجانب فرصة الاستفادة من معدلات الفائدة المنخفضة داخل الصين مقابل التخلي عن الدولار في تعاملاتهم المالية.

    ففي أحدث خطوة من هذا المسار، تسعى إثيوبيا إلى تحويل جزء من ديونها البالغة 5.38 مليارات دولار إلى قروض مقوّمة باليوان، بينما خفّضت كينيا قبل أسابيع تكاليف خدمة دينها بنحو 215 مليون دولار سنويًا بعد تحويل قروض السكك الحديدية الصينية من الدولار إلى العملة الصينية.

    ويرى محللون أن هذه السياسة، رغم كلفتها على بكين من حيث العائدات المنخفضة، تمنحها مكاسب استراتيجية أوسع، إذ ترسخ اليوان كعملة تسوية دولية وتضعف قبضة واشنطن على النظام المالي العالمي.

    وقال الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي مايكل بيتيس إن “المقترضين يدفعون أقل، والمقرضون يحصلون على أقل، لكن المقابل هو توسّع نفوذ اليوان عالميًا”، مؤكدًا أن “قلق الصين الحقيقي هو هيمنة الولايات المتحدة على النظام المالي الدولي، واستخدامها الدولار كسلاح للعقوبات والسيطرة السياسية”.

    وتكشف بيانات بلومبيرغ أن الحكومات والبنوك والهيئات الدولية أصدرت حتى أكتوبر/تشرين الأول 2025 ما مجموعه 68 مليار يوان (9.5 مليارات دولار) من القروض والسندات، أي ضعف إجمالي العام الماضي، مع دخول دول مثل المجر وسريلانكا وكزاخستان وإندونيسيا في منظومة التمويل الصيني باليوان.

    كما بدأت دول أفريقية أخرى مثل زامبيا مراقبة التجربة الكينية “باهتمام بالغ”، وفق ما صرّح به وزير ماليتها، الذي أكد أن “أي مبادرة تُخفف عبء الديون وتوفر المال الحقيقي مثيرة للاهتمام دائمًا”.

    وفي المقابل، تصف بلومبيرغ هذه الخطوة بأنها “مقايضة مكلفة” لبكين، حيث تتحمل خسائر مالية نتيجة فارق الفائدة بين الدولار واليوان، لكنها تكسب نفوذًا أكبر في إفريقيا وآسيا، وتدفع نحو تراجع هيمنة الدولار في نظام عالمي يشهد تقلبًا متزايدًا.

    ويعزز هذا التوجه ما يُعرف بـ “اتفاقات مبادلة العملات الثنائية”، التي وقّعتها الصين مع نحو 30 دولة، لتسهيل استخدام اليوان في التجارة والاستثمار وتحرير الدول الشريكة من الاعتماد الكامل على الدولار الأميركي.

    ويقول دينغ شوانغ، كبير الاقتصاديين في بنك ستاندرد تشارترد، إن “الصين تعمل على بناء نظام شامل لليوان يوفر خيارات حقيقية لاستخدامه في التجارة الثنائية والاستثمارات”، مضيفًا أن الهدف الأسمى هو “تحويل اليوان إلى عملة احتياطية عالمية تعكس مكانة الصين كقوة عظمى اقتصادية وتكنولوجية”.

    وفي الوقت نفسه، تشير البيانات إلى أن الدولار الأميركي فقد نحو 7.5% من قيمته مقابل سلة العملات العالمية خلال العام الجاري، متأثرًا بسياسات واشنطن الاقتصادية المتقلبة وتضخم دينها العام، بينما تواصل الصين شراء كميات كبيرة من الذهب في إطار خطتها للتخلص التدريجي من الاعتماد على العملة الأميركية.

    ويقول الخبير الاقتصادي غابرييل ويلداو من شركة “تينيو” إن “الصين تحقق تقدماً ثابتًا نحو نظام نقدي متعدد الأقطاب”، مضيفًا أن “تحول المدفوعات باليوان إلى خيار احتياطي عالمي أصبح مسألة وقت، لا احتمال”.

    وهكذا، تتضح ملامح معركة مالية باردة تدور بصمت في الأسواق العالمية، تسعى فيها بكين إلى “خنق الدولار بالديون الرخيصة” وبناء نظام نقدي موازٍ يعكس صعودها كقوة مالية عالمية، فيما تجد واشنطن نفسها أمام تحدٍ وجودي لنفوذها الاقتصادي التاريخي.

    spot_imgspot_img