المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    الصين تختبر نظرياً ما كشفه عملياً بحر اليمن: هل اقترب زمن إغراق حاملة الطائرات الأمريكية؟

    تتصاعد في الآونة الأخيرة نبرة التهديدات المتبادلة بين واشنطن...

    ورد الآن.. بيان مهم من وزارة الإتصالات في صنعاء بشأن “الإنترنت”

    أعلنت المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، في العاصمة صنعاء،...

    المؤتمر القومي.. قراءة نفسية في العدوان والعقل العربي

    ما يجري في المنطقة اليوم ليس مُجَـرّدَ صراع سياسي...

    الصين تختبر نظرياً ما كشفه عملياً بحر اليمن: هل اقترب زمن إغراق حاملة الطائرات الأمريكية؟

    تتصاعد في الآونة الأخيرة نبرة التهديدات المتبادلة بين واشنطن وبكين بشأن موازين القوة في غرب المحيط الهادئ، لكن الرسائل الأكثر وضوحاً جاءت من الجانب الصيني، الذي يبعث بإشارة مباشرة للولايات المتحدة: “لدينا الصواريخ القادرة على إغراق حاملات الطائرات الأمريكية”.

    هذه الرسالة لا تأتي من فراغ، بل من عقيدة عسكرية متكاملة تعرف باسم استراتيجية منع الوصول ومنع دخول المنطقة (A2/AD) التي تسعى الصين من خلالها إلى إبقاء الأسطول الأميركي في حالة تهديد دائم من سواحلها وحتى أعماق المحيط الهادئ.

    ترتكز هذه العقيدة على ثلاثة أنظمة صاروخية استراتيجية: الصاروخ DF-21D، المعروف بلقب قاتل حاملات الطائرات، القادر على ضرب أهداف بحرية ضخمة داخل “سلسلة الجزر الأولى” القريبة من البر الصيني؛
    والصاروخ DF-26B أو قاتل غوام، بمدى يصل إلى أربعة آلاف كيلومتر؛ ثم الصاروخ الأحدث DF-17، المزود بمركبة انزلاقية فرط صوتية (HGV) قادرة على المناورة وتفادي أنظمة الدفاع الصاروخي.

    لكن ما يجعل هذه الصواريخ أكثر خطورة هو تكاملها ضمن ما يسمى “سلسلة القتل” الصينية: شبكة استخباراتية–تكنولوجية ضخمة تضم أقماراً صناعية ورادارات بعيدة المدى وطائرات استطلاع ومسيّرات، تعمل على رصد تحركات حاملات الطائرات الأمريكية لحظة بلحظة، وتغذية وحدات الصواريخ ببيانات استهداف فورية تتيح تنفيذ ضربات متزامنة تغمر الدفاعات الأميركية في موجات نارية مكثفة.

    ويشير محللون إلى أن بكين استوعبت دروس الماضي، لا سيما أزمة مضيق تايوان عام 1996 حين شعرت بالإهانة بعد استعراض القوة الأمريكي هناك، فقررت أن تعوّض تفوق حاملات الطائرات الأميركية بتطوير منظومة قادرة على تحييدها قبل أن تقترب من الميدان.

    هذه المنظومة لا تقتصر على الصواريخ فحسب، بل تمتد إلى أسطول الغواصات الذي يضم نحو 50 قطعة اليوم، مع توقعات ببلوغه 65 بحلول 2030، وهو ما يعزز قدرة الصين على خنق حركة السفن الأميركية تحت سطح البحر وفوقه.

    تزامناً مع ذلك، تعمل بكين على تطوير قدرات ضرب القواعد الأمريكية في اليابان وغوام، بحيث يمكن لصواريخها الباليستية تدمير المدارج الجوية في أولى ساعات أي حرب، ما يشلّ قدرة واشنطن على الرد السريع.

    في المقابل، تسعى الولايات المتحدة إلى بناء دفاعات متعددة الطبقات حول مجموعات حاملات الطائرات، باستخدام صواريخ SM-3 وSM-6، وطائرات الحرب الإلكترونية EA-18G، وأنظمة التشويش والطُعوم الإلكترونية مثل Nulka، إضافة إلى نظام الدفاع القريب Phalanx. كما تراهن البحرية الأميركية على الطائرة MQ-25 Stingray لزيادة مدى عمليات الحاملات وتقليل تعرضها للتهديد.

    لكن رغم هذه الإجراءات، يرى خبراء عسكريون أن الجيش اليمني قد كشف عملياً عن هشاشة هذه المنظومة الدفاعية، عندما عرّى البحرية الأمريكية في البحر الأحمر وأثبت ضعفها في مواجهة صواريخ ومسيّرات منخفضة التكلفة مقارنة بالترسانات الصينية المعقدة.

    ويشير مراقبون إلى أن الصين لم تختبر بعد قدراتها ضد قوة بحرية كبرى كالولايات المتحدة، لكنّها استفادت من التجربة اليمنية التي أظهرت إمكانية تحييد حاملات الطائرات والمرافق اللوجستية الأميركية بوسائل أكثر بساطة وفعالية.

    في النهاية، يبدو أن “بحر اليمن” قد قدّم لبكين درساً عملياً بالغ الأهمية: القوة البحرية الأميركية لم تعد عصيّة على الغرق، وأن الحروب المقبلة لن تُحسم بعدد السفن، بل بقدرة الصواريخ والمسيّرات على فرض معادلة الردع الجديدة.

    وبينما ترفع واشنطن شعار “حرية الملاحة”، تواصل بكين تطوير منظوماتها الصاروخية بهدوء — لتصبح التهديد الأكبر الذي قد يجعل حاملات الطائرات الأمريكية، رمز الهيمنة لعقود، أهدافاً عائمة تنتظر صاروخاً واحداً يغرقها.

    spot_imgspot_img