المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    اليمن يفضح الأقنعةَ الزائفة

    يُعـدُّ شعار الشرعية المصنّعة عملية احتيال كبرى تقع فيها...

    اليمن يفضح الأقنعةَ الزائفة

    يُعـدُّ شعار الشرعية المصنّعة عملية احتيال كبرى تقع فيها الشعوب، تُولَد في مكاتب القرار الخارجي لقوى الهيمنة والاستكبار العالمي، وتُلبَس على وجوه مجموعةٍ من العملاء والخونة المحليين ليغدو الاحتلال تحريرًا، والجاني مظلومًا، وصاحب الأرض محتلاً والمدافع عنها إرهابيًّا.

    مسرحيةٌ هزليةٌ مُملة، تواجهها الشعوب الحرة في معظم بلدان العالم تقريبًا، ومنذ الـ 21 من سبتمبر 2024م، يحاول الشعب اليمني جاهدًا لكشفها، ونجح باجتثاثها من جذورها، مؤكّدًا بأنّه لن يسمح لكائنٍ من كان أنّ يُجمّد وعيَّه، ويطمس هُويّته، ويحوّل إرادته وسيادته إلى سلعةٍ تباع وتشترى في أسواق النحاسة السياسية الدولية.

    والذي نراه اليوم في ساحات العالم صراعًا على الأرض، صراع على اللغة، حتى على المفردات، من يملك مفردات “الشرعية الزائفة” تحشد العالم خلف قضيتها والترويج لها، وباتت وسائل الإعلام والاتصال المختلفة بكل مخرجاتها، الأمريكية والغربية، الصهيونية والمتصهينة، تختزل فيها الحقائق وتُلبّس القلوب بالقشور؛ لكنها لم تستطع ترويض عزيمة شعبٍ قرر أنّ الكرامة والسيادة خط أحمر، والإرادة ساحة لا تقهر، والوعي شلال هادر لا يفتر.

    عندما تقاتل القوى الكبرى عبر وكلائها، تحاول أنّ تختفي الملامح الحقيقية للحرب، وتظهر على شاشات الدنيا صورٌ مُنسقة لروايةٍ مُعدة سلفًا، لكن في اليمن كُشف المستور؛ فمن أخذ صك الاعتراف الخارجي، يظل فاقدًا لشرعية الأرض والدم؛ لأنّ الشرعية الحقيقية تُقاس برفض الشعب للوصاية والهيمنة، لا بقرارٍ من الرياض وأبو طبي أو بخطابٍ من واشنطن ولندن، أو بتوقيع مندوبٍ في نيويورك.

    فحين سقطت الأمم المتحدة بكل منظماتها وسقط مجلس الأمن في امتحان الإنسانية، لم يردّوا على صرخات غزة كما يجب، قراراتهم وبياناتهم وتحركاتهم، لم تحمِ الأطفال والنساء فيها؛ فكيف تستعيد مصداقيتها؟ والإجابة ليست في قرارات مبتورة، ولا ببياناتٍ نصفية الحلول أو مجاملات دبلوماسية، كون المصداقية تُسترد بأفعال، بتحقيقات مستقلة، وآليات حل وتعويض، وضمانات حماية إنسانية فعلية.

    اليمن وحدّهُ نجح في امتحان الإنسانية واختبار الأخلاق، ونقولها صراحةً: أيّ عدوان اليوم أو غدًا، يُشَنّ على اليمن بسبب مواقفه من فلسطين هو اعتماد على هدر القوانين الدولية، ومواصلة نهب المبادئ ومصادرة القيم؛ فالاعتداء على شعبٍ يختار نصرة المظلوم، هو نهاية مفاهيم سامية مثل العدالة الأممية وميثاق الأمم المتحدة، وتحويلها إلى أدوات قمعية لحماية المعتدي.

    ولكل من صوتوا لصالح قرار مجلس الأمن رقم “2140”، لو كنتم صادقين وواضحين وغير مجبرين أيضًا، لو تساءلتم فقط قبل أنّ تصوتوا؛ هل يُعتبر الردّ اليمني والعمليات الاسنادية لغزة، مجرد انفجار عاطفي عبثي؟؛ أمّ إنّه قرارٌ مسؤول، متعدّد الأبعاد، “سياسي، قانوني، إعلامي، ودبلوماسي”؟؛ لكنتم فرّقتم بين من يحمي القوانين الدولية ومن يستبيحها، بين من يدافع عن كرامة المظلومين، ومن ينتهكها، بين من يسعى لصون سيادته، وبين من يُمارس إرهابًا باسم الشرعية المصطنعة.

    لكنكم أبيتم إلا أنّ تكونوا في الاتجاه الخطأ، وسيُحسب لكل مَن يهدد أمن واستقلال وسيادة اليمن تبعاته السياسية والاقتصادية والدولية؛ فمن يظن أنّ القوة تُقاس بعدد الطائرات أو طول صفقة الأسلحة، يجب أنّ يعلم أنّ القوة الحقيقية هي إرادة شعبٍ لا ينكسر، هي القدرة على تحويل التضامن الشعبي العربي والإسلامي والعالمي إلى رأس حربة دبلوماسي وقانوني يفضح زيفكم وخيانتكم للإنسانية، ويكشف نفاقكم وعمالتكم وانجراركم للصهيونية؛ فاليمن لديه إرادة فولاذية، وماضٍ عريق وحاضر زاخر بالعطاء والوفاء، ومستقبل مشرق بالبهاء، يثبت أنّ من صدقوا على الأرض لا يخسرون، ولن يخسروا بإذن الله.

    ورسالتنا لمجلس الأمن والأمم المتحدة وللدول الكبرى: إنَّ كانت العدالةُ والحرية والإنسانية لديكم شعارًا؛ فلتثبتوه بالأفعال لا بمداد القرارات وأصداء البيانات، وإنَّ كانت مصالحكم ومشاريع الصهيونية أغلى لديكم من دم طفلٍ فلسطيني أو يمني؛ فاعلموا أنّ التاريخ لن يرحم من باع إنسانيته بثمنٍ بخس.

    ولشعوب الأمّة نقول: إنَّ الطريق إلى الحرية يمرّ عبر استعادة المعنى الحقيقي للشرعية الوطنية والدولية؛ شرعية تُستمدّ من الأرض والمناضلين المجاهدين الشرفاء، لا من دهاليز المؤامرات، ومحاضر المؤتمرات؛ فاتحاد الشعوب الحيّة هو الذي يكسر أقنعة العملاء والأدعياء، ويفضح مشاريع الأعداء؛ فحين تتحدّ الإرادات، تنهار كل المسرحيات.

    اليمن “شعبًا وجيشًا وقيادة”، لن يتراجع عن مواقفه، ولن يبدّل نصرة المستضعف بسلامٍ مزوّر؛ فإنَّ عُدّتم.. عُــدّنا وعاد الله معنا، وإنَّ اعتديتم على أرضنا أو ضيّقتم حصارنا؛ فستكونون قد اخترتم أنّ تكونوا في الصف الخاطئ؛ لأنّ كل من يدافع عن المظلومين لا يُحاسَب، ومن يعتدي عليه سيُحاسَب أمام الضمير العالمي والتاريخ، بعد أنّ يحترق بنيران اليمن وشواظها العظيم.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    عبدالقوي السباعي

    spot_imgspot_img